الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) لا فطرة على ( معسر ) وقت الوجوب إجماعا ولو أيسر بعد لحظة ، لكن يسن له إذا أيسر قبل فوات يوم العيد الإخراج ، ثم أشار إلى حده بقوله ( فمن لم يفضل ) بضم الضاد وفتحها ( عن قوته وقوت من ) أي الذي ( في نفقته ) من آدمي وحيوان واستعمال من فيمن لا يعقل تغليبا بل استقلالا سائغ بل حقيقة عند بعض المحققين ( ليلة العيد ويومه شيء ) يخرجه في فطرته ( فمعسر ) ومن فضل عنه ما يخرجه فموسر [ ص: 115 ] إذ القوت ضروري لا بد منه وإنما لم يعتبر زيادته لعدم ضبط ما وراءهما ولو تلف المال قبل التمكن سقطت الفطرة كزكاة المال ، وقضية كلامهما أن القدرة على الكسب لا تخرجه عن الإعسار ، وهو كذلك كما صرح به الرافعي في كتاب الحج وأنه لا يشترط كون المؤدى فاضلا عن رأس ماله وضيعته ولو تمسكن بدونها ويفارق المسكن والخادم بالحاجة الناجزة ، ولا ينافيه إيجابهم الاكتساب النفقة القريب لأنه لما وجب عليه ذلك لنفسه لإحيائها وجب عليه لإحياء أصله أو فرعه على ما يأتي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا فطرة على معسر ) لو تكلف باقتراض أو غيره وأخرجها هل يصح الإخراج وتقع زكاة كما لو تكلف من لم يجب عليه الحج وحج فإنه يصح ويقع عن فرضه ؟ فيه نظر ، ويحتمل أنه كذلك فليراجع .

                                                                                                                            ثم رأيت في العباب ما نصه : ويعتبر ذلك : أي أن يجد ما يخرجه فاضلا عما فضلوه وقت الوجوب فوجودها بعد لا يوجبها لكن يندب إخراجها ا هـ .

                                                                                                                            وفيه تصريح بصحة الإخراج وبندبه ، لكن لا ينافي وقوعه واجبا لأن ندب الإقدام لا ينافي الوقوع واجبا كما يشهد له نظائر فليحرر ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            وقول سم وبندبه : أي مع عدم وجوبها عليه ، وقاس الاعتداد به أو ندبه حيث أخرج بعد يساره مع عدم الوجوب عليه أنه كذلك فيما لو تكلف بقرض ونحوه وأخرج . وقال سم على حج : قول المصنف ولا فطرة على معسر وقت الوجوب ينبغي أن يعد منه من المستحق معلوم وظيفة لكن لم يتيسر أخذه وقت الوجوب لمماطلة الناظر ونحوه لأنه حينئذ غير قادر وإن كان مالكا لقدر المعلوم من ريع الوقف قبل قبضه حين أتى بما عليه ، ومن له دين حال على معسر تعذر استيفاؤه منه وقت الوجوب وإن قدر عليه بعده ، ومن غصب أو سرق ماله أو ضل عنه ويفارق زكاة المال حيث وجبت في الدين وإن لم يتيسر أخذه في الحال وفي المال المغصوب والمسروق ونحوهما ، ولكن لا يجب الإخراج في الحال لتعلقها بالعين بخلاف الفطرة لا تتعلق إلا بالذمة ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وقد يتوقف فيما ذكره لأن التعليل بتعلق الفطرة بالذمة لا دخل له في عدم وجوبها حيث كان له مال ، فإن العلة من وجوب زكاة الفطر وجود مقدار الزكاة فاضلا عما يحتاج إليه لأن هذا واجد بالقوة ، ويؤيده ما ذكره حج من الوجوب على من له مال غائب . هذا ولكن إن كانت نفقته على غيره كولده وجبت فطرته عليه ، ثم لو تكلف المعسر في هذه الحالة وهو الأب وأخرج عن نفسه هل يتوقف على إذن ولده لكونها وجبت عليه كوجوب الدين على المحتال فإخراج الأب يسقط الوجوب عن ولده أو لا يتوقف على إذن لوجوبها عليه أصالة ، وكأنها لم تنتقل إلى غيره خصوصا وقد رجح كثيرون أن وجوبها على المؤدي وجوب ضمان والمضمون عنه لا يتوقف صحة أدائه على إذن الضامن ؟ فيه نظر ، وقياس ما في العباب من أن المعسر إذا تكلف وأخرج وقع ما أخرجه فرضا . الثاني وكذا هو قياس قول سم على منهج الآتي فيما لو كان الزوج موسرا فأخرجت عن نفسها إلخ من الصحة عند عدم الإذن ، ولا يشكل على ذلك من أن الأب لو أخرج عن ابنه الكبير بدون إذن لم يعتد بإخراجه لأن الأب ثم لم يلاقه الوجوب في الابتداء أصلا ، بخلاف ما نحن فيه فإن الوجوب تعلق بكل من المعسر والزوجة ابتداء .

                                                                                                                            ( قوله : ليلة العيد ويومه ) وليس من الفاضل ما جرت به العادة من تهيئة ما اعتيد للعيد من [ ص: 115 ] الكعك والنقل ونحوهما ، فوجود ما زاد منه على يوم العيد لا يقتضي وجوبها عليه فإنه يعد وقت الغروب غير واجد لزكاة الفطر ، وإنما قلنا بذلك لما قيل في كتاب النفقات من أنه يجب على الزوج تهيئة ما يليق بحاله من ذلك لزوجته .

                                                                                                                            ( قوله : وهو كذلك ) ومثله بالأولى الولي إذا قدر على التحصيل بالدعاء أو نحوه فإنه لا يكلف ذلك كما لا يكلف القادر على الكسب الاكتساب ، ولأن الأمور الخارقة للعادة لا تبنى عليها الأحكام ( قوله : وضيعته ) وكالضيعة الوظيفة التي يستغلها فيكلف النزول عنها إن أمكن ذلك بعوض على العادة في مثلها ( قوله : ويفارق المسكن إلخ ) الضمير فيه راجع لقوله فاضلا عن رأس ماله .




                                                                                                                            الخدمات العلمية