الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويثبت الشهر بالشهادة على الشهادة ( وثبوت رؤيته ) يحصل ( بعدل ) وإن كانت السماء مصحية { لقول ابن عمر أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه } رواه أبو داود وصححه ابن حبان . والمعنى في ثبوته بالواحد الاحتياط للصوم ، ولأن الصوم عبادة بدنية فيكفي في الإخبار بدخول وقتها واحد كالصلاة حتى لو نذر صوم شهر معين ولو ذا الحجة فشهد برؤية هلاله عدل كفى كما رجحه في البحر وجزم به ابن المقري في روضه ، ويكفي قول واحد في طلوع الفجر وغروبها قياسا على ما قالوه في القبلة والوقت والأذان ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر بقوله ، وبما تقرر يعلم أن إخبار العدل الموجب للاعتقاد الجازم بدخول شوال يجب الفطر وهو ظاهر ، وقول الروياني بعدم جواز اعتماده في الفطر آخر النهار ضعيف ، ولا أثر للفرق بأن آخر النهار يجوز فيه الفطر بالاجتهاد بخلافه آخر رمضان ، لأن الاجتهاد ممكن في الأول دون الثاني إذ من شرطه العلامة وهي موجودة [ ص: 152 ] في ذاك لا هذا خلافا لمن فرق به ( وفي قول ) يشترط في ثبوت رؤيته ( عدلان ) كغيره من الشهور ، وادعى الإسنوي أنه مذهب الشافعي لرجوعه إليه ، ففي الأم قال الشافعي بعد : لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان .

                                                                                                                            ونقل البلقيني مع هذا النص نصا آخر صيغته : رجع الشافعي بعد فقال : لا يصام إلا بشاهدين ، لكن قال الزركشي قال الصيمري : إن صح أنه صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي وحده أو شهادة ابن عمر قبل الواحد وإلا فلا يقبل أقل من اثنين وقد صح كل منهما . وعندي أن مذهب الشافعي قبول الواحد ، وإنما رجع إلى الاثنين بالقياس لما لم يثبت عنده في المسألة سنة فإنه تمسك للواحد بأثر علي ، ولهذا قال في المختصر : ولو شهد برؤيته عدل رأيت أن أقبله للأثر فيه ا هـ .

                                                                                                                            ومنهم من قطع بالأول وهو الأصح . ومحل الخلاف ما لم يحكم به حاكم ، فإن حكم بشهادة الواحد حاكم يراه فنقل في المجموع الإجماع على وجوب الصوم ، وأنه لا ينقض الحكم ، ومحل ثبوت رؤيته بعدل بالنسبة للصوم ويلحق به كما قاله الزركشي توابعه كالتراويح والاعتكاف والإحرام والعمرة المعلقين بدخول رمضان لا بالنسبة لغير ذلك كحلول مؤجل ووقوع طلاق وعتق علقا به . لا يقال : هل لا ثبتت ضمنا كما ثبت [ ص: 153 ] شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء . لأنا نقول : الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه ، وبأن الشيء إنما يثبت ضمنا إذا كان التابع من جنس المتبوع كالصوم والفطر فإنهما من العبادات ، وكالولادة والنسب والإرث فإنها من المال والآيل إليه بخلاف ما هنا فإن التابع من المال أو الآيل إليه والمتبوع من العبادات ، هذا إن سبق التعليق الشهادة ، فلو سبق الثبوت ذلك وحكم الحاكم بها بعدل ثم قال قائل : إن ثبت رمضان فعبدي حر أو زوجتي طالق وقعا ومحله كما قاله الإسنوي : ما لم يتعلق بالشاهد فإن تعلق به ثبت الاعتراف به ، وشمل كلام المصنف ثبوته بالشهادة ما لو دل الحساب على عدم إمكان الرؤية ، وانضم إلى ذلك أن القمر غاب ليلة الثالث على مقتضى تلك الرؤية قبل دخول وقت العشاء لأن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية ، وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للسبكي ومن تبعه ، ولو علم فسق الشهود أو كذبهم فالظاهر عدم لزوم الصوم له إذ لا يتصور جزمه بالنية . والظاهر أنه يحرم عليه الصوم حيث يحرم صوم يوم الشك ، ولو علم فسق القاضي المشهود عنده وجهل حال العدول فالأقرب أنه كما لو لم يشهدوا بناء على أنه ينعزل بالفسق ، ولو لم يكن القاضي أهلا لكنه عدل فالأقرب لزوم الصوم تنفيذا لحكمه حيث كان ممن ينفذ حكمه شرعا ولا أثر لرؤية الهلال نهارا فلا نفطر إن كان في ثلاثين رمضان ، ولا نمسك إن كان في ثلاثين شعبان ( وشرط الواحد صفة العدول في الأصح لا عبد أو امرأة ) فليتأمل فليسا من عدول الشهادة ، [ ص: 154 ] وإطلاق العدول كما قاله الشارح منصرف إلى الشهادة ، فاندفع ما قيل من أن قوله وشرط الواحد صفة العدول بعد قبوله بعدل ركيك إذ العدل من كانت فيه صفة العدول وبأن ما زعمه من أن العبد والمرأة ليسا من العدول باطل إذا العدل من لم يرتكب كبيرة ولا أصر على صغيرة . نعم ليسا من أهل قبول الشهادة والخلاف مبني على أن الثبوت بالواحد شهادة أو رواية فلا يثبت بواحد منهما على الأول وهو الأصح ، وعليه فلا بد من لفظ الشهادة وهي شهادة حسبة وتختص بمجلس القاضي كما جزم به في الأنوار ، ولا تشترط العدالة الباطنة وهي التي يرجع فيها لقول المزكين كما صححه في المجموع بل يكتفى بالعدالة الظاهرة وهو المراد بالمستور ، واكتفى به وإن كان شهادة احتياطا للصوم ، وقد علم مما مر أن ما تقرر بالنسبة لوجوب الصوم على عموم الناس ، أما وجوبه على الرائي فلا يتوقف على كونه عدلا من رأى هلال رمضان وجب عليه الصوم وإن كان فاسقا ومثله من أخبره به عدد التواتر ، وقالت طائفة منهم البغوي : يجب الصوم على من أخبره موثوق به بالرؤية إذا اعتقد صدقه وإن لم يذكره عند الحاكم ولم يفرعوه على شيء ومثله في المجموع بزوجته وجاريته وصديقه ، ويكفي في الشهادة أشهد أني رأيت الهلال كما صرح به الرافعي [ ص: 155 ] في صلاة العيد ، خلافا لابن أبي الدم قال : لأنها شهادة على فعل نفسه ، ولا يكفي أن يقول غدا من رمضان عاريا عن لفظ أشهد ولا مع ذكرها مع وجود ريبة كاحتمال كونه قد يعتقد دخوله بسبب لا يوافقه عليه المشهود عنده ، بأن يكون أخذه من حساب ، أو يكون حنفيا يرى إيجاب الصوم ليلة الغيم أو نحو ذلك ، ولو شهد الشاهد بالرؤية فصام الناس ثم رجع لزمهم الصوم على أوجه الوجهين لأن الشروع فيه بمنزلة الحكم بالشهادة . وقال الأذرعي : إنه الأقرب ، ويفطرون بإتمام العدة وإن لم ير الهلال ، وقول المصنف : وثبوت رؤيته بعدل بيان لأقل ما يثبت به ، فلا ينافي كونه قد يثبت أكثر منه بل يلزم من ثبوته بالواحد ثبوته بما فوقه بالأولى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويثبت الشهر بالشهادة على الشهادة ) ويشترط كونه اثنين كما ذكره حج لأنه يثبت شهادة الأصل لا ما شهد به الأصل ( قوله : بعدل ) ظاهره وإن دل الحساب على عدم إمكان الرؤية ا هـ سم على بهجة ، وظاهره أيضا وإن كان عالما بالحساب وقطع بمقتضى علمه بعدم وجوده ، ولو قيل بأن له العمل في هذه بعلمه لم يكن بعيدا .

                                                                                                                            ( قوله : والمعنى في ثبوته ) أي والعلة في إلخ أو والسبب في إلخ لأن هذا ليس أمرا معنويا .

                                                                                                                            ( قوله : وغروبها ) أي الشمس ( قوله : كأن يفطر بقوله ) أي الواحد ( قوله : وبما تقرر ) أي في قوله ولأن الصوم عبادة بدنية إلخ ( قوله بدخول شوال ) متعلق بإخبار ( قوله : يوجب الفطر ) [ ص: 152 ] أي وإن كان صام تسعة وعشرين يوما فقط ، ولم يذكر الشارح هذا عند قول المصنف في الشهادات : فصل لا يحكم بشاهد إلا في هلال رمضان فليراجع ، ولعل ما هنا مفروض فيما لو أخبره بدخول شوال عدل فيجب عليه الفطر ، بخلاف ما لو شهد به العدل عند القاضي فلا يثبت به شوال فيوافق ظاهر ما في الشهادات ويوافقه أيضا ما يأتي في قوله : ورده الأول بأن الشيء قد يثبت ضمنا بما لا يثبت به مقصودا فإنه صريح في أنا إنما قلنا بدخول شوال بشهادة الواحد حيث كان ذلك مترتبا على شهادة الواحد بهلال رمضان .

                                                                                                                            ( قوله : في ذاك ) هو قوله بأن آخر النهار يجوز فيه الفطر ، وقوله لا هذا هو قوله بخلافه آخر رمضان .

                                                                                                                            ( قوله : وقد صح كل منهما ) أي من قوله : قبل شهادة الأعرابي وحده وشهادة ابن عمر .

                                                                                                                            ( قوله : فإن حكم بشهادة الواحد إلخ ) يتأمل ما صورة الحكم بشهادة الواحد فإن صورة الثبوت به كما قاله حج أن يقول الحاكم ثبت عندي أو حكمت بشهادته ، لكن ليس المراد هنا حقيقة الحكم لأنه إنما يكون على معين مقصود ومن ثم لو ترتب عليه حق آدمي ادعاء كان حكما حقيقيا ، لكنه إذا ترتب على معين لا يكفي الواحد فيه ، والكلام في أنه إذا حكم الحاكم بشهادة الواحد ثبت الصوم قطعا ، ثم رأيت في سم على حج ما نصه : قوله لكن ليس المراد إلخ الذي حرره في غير هذا الكتاب كالإتحاف خلافه ، وعبارة الإتحاف : ومحل الخلاف في قبول الواحد إذا لم يحكم به حاكم فإن حكم به حاكم يراه وجب الصوم على الكافة ولم ينقض الحكم إجماعا ، قاله النووي في مجموعه إلى أن قال : وهو صريح في أن للقاضي أن يحكم بكون الليلة من رمضان وحينئذ فيؤخذ منه رد قول الزركشي : ولا يحكم القاضي بكون الليلة من رمضان مثلا لأن الحكم لا مدخل له في مثل ذلك لأنه إلزام لمعين إلى أن قال : ومما يرده أيضا أن قولهم في تعريف الحكم أنه إلزام لمعين مرادهم به غالبا فقد ذكر العلائي صورا فيها حكم ولا يتصور فيها إلزام لمعين إلا على نوع من التعسف ا هـ المقصود نقله وأطال فيه جدا بنفائس لا يستغنى عنها ، فعلم أنه هنا تبع الزركشي فيما قاله والوجه ما حرره هناك خصوصا وكلام المجموع دال عليه كما تقرر فليتأمل .

                                                                                                                            ( قوله : وأنه لا ينقض الحكم ) ظاهره وإن رجع الشاهد قبل الشروع في الصوم ( قوله : لا بالنسبة لغير ذلك ) أي فلا يثبت بواحد قال سم على بهجة : فلو انتقل الرائي إلى بلد مخالف في المطلع لم ير فيه فهل يستمر وقوع طلاقه المعلق مثلا ؟ الوجه الاستمرار خصوصا ، والمقرر في باب الطلاق أن العبرة في وقوع الطلاق المعلق على رؤية الهلال ببلد التعليق ( قوله : طلاق وعتق علقا به ) أي ما لم يكن المخبر المعلق [ ص: 153 ]

                                                                                                                            ( قوله : لأنا نقول الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به ) وعبارة الشوبري على شرح البهجة نقلا عن الإمداد لحج نصها : لازم شرعي للمشهود به وإثبات اللازم الشرعي ضرورة للحاجة إليه ، بخلاف الطلاق ونحوه بالنسبة لرمضان فإنه لازم وضعي له إذ لم يرتبه الشارع عليه ، وإنما رتبه واضعه فهو في نفسه قابل للانفكاك على أنه لا يثبت بمجرد الهلال لاحتياجه إلى ثبوت التعليق ونحوه ولأن الشيء إنما يثبت ضمنا إذا كان إلخ ( قوله : فعبدي حر ) خرج بقوله ثبت ما لو كانت صورة التعليق : إن كان غدا من رمضان فعبدي حر فلا يعتق وهو ظاهر ، والفرق أن المعلق عليه فيما ذكره الشارح الثبوت وقد وجد والمعلق عليه فيما لو قال : إن كان غدا من رمضان الكون من رمضان وهو لم يعلم فلم يحصل العتق .

                                                                                                                            ( قوله : ما لم يتعلق بالشاهد ) بقي ما لو رأته الزوجة دون الزوج ولم يصدقها هل يحرم عليها تمكينه أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول فيجب عليها الهرب قياسا على ما قاله الشارح في كتاب القضاء بعد قول المصنف والقضاء ينفذ ظاهرا لا باطنا من قوله ويلزم المحكوم عليها بنكاح كاذب الهرب بل والقتل إن قدرت عليه كالصائل على البضع ، ولا نظر لاعتقاده إباحته كما يجب دفع الصبي عنه وإن كان غير مكلف ، وهذا ظاهر حيث علق برؤيتها ، فإن علق على ثبوته فلا يقع عليه الطلاق برؤيتها لأنه علق بصفة وهي الثبوت ولم توجد فيجب عليها تمكينه لبقاء الزوجية ظاهرا وباطنا .

                                                                                                                            ( قوله : بناء على أنه ينعزل بالفسق ) يعلم منه أن الكلام فيما إذا لم يعلم المولى بفسقه ويوليه لأنه حينئذ لا ينعزل ( قوله : وشرط الواحد إلخ ) لو رأي فاسق جهل الحاكم فسقه الهلال فهل [ ص: 154 ] له الإقدام على الشهادة يتجه الجواز بل الوجوب إن توقف ثبوت الصوم عليها م ر وسيأتي نظير ذلك في الشهادات .

                                                                                                                            ( قوله : صفة العدول ) أي ومنها السلامة من خارم المروءة .

                                                                                                                            ( قوله : منصرف إلى الشهادة ) أي إلى عدول الشهادة ( قوله : بل يكتفى بالعدالة الظاهرة ) قضيته أنه لا يشترط سلامتها هنا من خارم المروءة وهو ظاهر ، لكن قضية قول شرح البهجة الكبير وطريقه : أي العدل الواحد الشهادة لا الرواية فيشترط فيه كما سيأتي في القضاء صفة الشهود والأداء عند القاضي ا هـ خلافه . وكذا قضية قول الشارح السابق والخلاف مبني على أن الثبوت بالواحد شهادة إلخ ( قوله وهو المراد بالمستور ) فسره في النكاح بأنه الذي لم يعرف له مفسق وإن لم يعلم له تقوى ظاهرا وفسره حج هنا بأنه من عرف تقواه ظاهرا .

                                                                                                                            ( قوله : ومثله من أخبره به عدد التواتر ) ولو شهد اثنان برؤيته وتعارضا في محله عمل [ ص: 155 ] بأصل الرؤية فيجب الصوم لثبوت أصل الرؤية .

                                                                                                                            ( قوله : إذا اعتقد صدقه ) مفهومه أنه إذا لم يعتقد لا يجب عليه الصوم ، ولعله غير مراد بل حيث عرف عدالته وجب الأخذ بقوله ; لأن خبر العدل في العبادات منزل منزلة اليقين ، كما لو أخبره بطهارة الماء أو نجاسته فإنه يجب اعتماد قوله فيها وإن لم يعتقد صدقه فيما أخبره به ، ثم رأيت في سم على حج بعد كلام ذكره ما نصه : بل الظاهر أن جميع ذلك ممنوع ، وأن من أخبره عدل أو سمع شهادته بين يدي الحاكم وإن لم يقل الحاكم ثبت عندي ولا نحو ذلك وجب عليه الصوم كما هو قياس نظائره ما لم يعتقد خطأه بموجب قام عنده ا هـ .

                                                                                                                            وقوله بموجب : أي كضعف بصره أو العلم بفسقه ( قوله : وإن لم يذكره ) معتمد ( قوله : ويكفي في الشهادة أشهد أني رأيت الهلال ) أي كما يكفي أن يقول أشهد أنه هل ( قوله : خلافا لابن أبي الدم ) ولعل الكافي على كلامه أن يقول : أشهد أن غدا من رمضان ولا ريبة . وقولنا ولا ريبة الواو واو الحال : أي والحال إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : قال ) أي ابن أبي الدم ( قوله لأنها شهادة ) توجيه لما قاله ابن أبي الدم ( قوله : أو يكون حنفيا ) صوابه حنبليا لأنه الذي يرى وجوب الصوم ليلة الغيم سم على حج بالمعنى .

                                                                                                                            ( قوله : أو نحو ذلك ) قال حج بعد مثل ما ذكر : ومن ثم لم تجز مراعاة خلاف موجبه ا هـ .

                                                                                                                            أقول : ولعل محل عدم الجواز ما لم يقلد القائل به في ذلك .

                                                                                                                            ( قوله : لأن الشروع فيه بمنزلة الحكم إلخ ) يؤخذ من العلة أنه لو حكم بشهادته وجب الصوم وإن لم يشرعوا فيه وهو ظاهر ، وعبارة ابن سم على منهج : فرع لو رجع العدل عن الشهادة فإن كان بعد الحكم لم يؤثر وكذا قبله ، وبعد الشروع فإن كان قبل الحكم والشروع جميعا امتنع العمل بشهادته مر ، وإن كان رجوعه قبل الحكم وبعد الشروع ثم لم ير الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية فهل نفطر ؟ ظاهر كلامهم أنا نفطر لأنهم جوزوا الاعتماد عليه ، وجرى على ذلك مر ، وخالف شيخنا في إتحافه فمنع الفطر لأنا إنما عولنا عليه مع رجوعه احتياطا والاحتياط عدم الفطر حيث لم ير الهلال كما ذكره ا هـ . والقلب إلى ما قاله في الإتحاف أميل ( قوله : ويفطرون بإتمام العدة ) ظاهره رجوعه لقوله ولو شهد الشاهد بالرؤية إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولو ذا الحجة فشهد برؤية هلاله عدل ) أي أو أخبر ( قوله : وبما تقرر ) أي في مسألة القناديل المتقدمة من أن من حصل له بذلك الاعتقاد الجازم وجب عليه الصوم فإن هذا الكلام برمته للإمداد ، وهو إنما ذكره عقب ذلك ويمكن أن يكون مراد الشارح بما تقرر الكفاية بقول الواحد في طلوع الفجر وغروب الشمس ووجه علمه منه أنه نظيره ( قوله : ضعيف ) أي كما علم من قوله المار ويكفي قول واحد في طلوع الفجر وغروبها ( قوله : ولا أثر للفرق إلخ ) أي بين مسألة الإخبار بدخول شوال والإخبار في الفطر آخر النهار : أي بناء على الراجح خلافا للروياني فإن هناك ممن يرى مخالفة الروياني من يمنع الأخذ بإخبار الواحد في دخول شوال ، ويفرق بما ذكر كما يعلم من قوة كلام الإمداد الذي ما هنا بعض ما فيه بالحرف ، لكنه عبر بدل قول الشارح ولا أثر للفرق بقوله ولا يفرق بأن إلخ ، وقوله لأن الاجتهاد ممكن في الأول دون الثاني إلخ هو وجه عدم تأثير الفرق فليس من تمام الفرق خلافا لما وهم فيه ، وحاصله أنه إنما جاز الفطر بالاجتهاد بخلافه آخر رمضان لعدم تأتي الاجتهاد في الثاني إذ من شرطه العلامة ولا وجود لها فيه ، بخلافها في الأول ، فعدم جواز الفطر بالاجتهاد فيه إنما هو لعدم تأتيه لا أنه يمكن [ ص: 152 - 153 ] ويمتنع الفطر به فتأمل ( قوله : لازم للمشهود به ) لا يتأتى في الاعتكاف والإحرام إذ لا فرق بينهما وبين نحو الطلاق في عدم اللزوم كما هو ظاهر ، وليسا مذكورين في عبارة الإمداد التي هي أصل ما هنا ( قوله : ثبوته بالشهادة ) مرفوع بدل من كلام المصنف والمفعول قوله ما لو دل إلخ ( قوله : بل ألغاه بالكلية ) أي بالنسبة للأمور العامة كما سيصرح به فلا ينافي ما مر له من وجوب الصوم به على من وثق به ( قوله : بناء على أنه ينعزل بالفسق ) أي فالكلام في غير قاضي الضرورة ( قوله : فليسا من عدول الشهادة ) أي على الإطلاق بالنسبة للمرأة كما يعلم مما يأتي [ ص: 154 ] قوله : وإطلاق العدول كما قاله الشارح منصرف إلى الشهادة ) أي بخلاف إطلاق العدل فإنه يشمله ويشمل عدل الرواية كما صرح به الشارح أيضا ( قوله : فاندفع ما قيل من أن قوله وشرط الواحد إلخ ) انظر ما وجه اندفاع الأول بمجرد ما ذكره ، وعبارة التحفة : قيل قوله صفة العدول بعد قوله بعدل فيه ركة فإن العدل من فيه صفة العدول ، وزعم أن المرأة والعبد غير عدلين ممنوع ا هـ . وليس في محله فإن العدل له إطلاقان عدل رواية وعدل شهادة ، وعدل الشهادة له إطلاقان عدل في كل شهادة وعدل بالنسبة إلى بعض الشهادات دون بعض كالمرأة ، ولما كان قوله بعدل محتملا لكل منهما عقبه بما يبين المراد منه وهو عدالة الشهادة بالنسبة لكل شهادة ، ونفي عدالة الشهادة عن العبد واضح وعن المرأة باعتبار ما تقرر أنها لا تعطى حكم العدول في كل شهادة فاتضح أنه لا غبار على عبارته ا هـ ( قوله نعم ليسا من أهل قبول الشهادة ) أي هنا ولا حاجة للفظ قبول ، لكن عبارة المحلي : والمرأة لا تقبل في الشهادة وحدها انتهت ، فهي المرادة من عبارة الشارح وإن كان فيها قلاقة ( قوله : ومثله من أخبره به عدد التواتر ) يغني عنه ما بعده بالأولى ، والشهاب حج إنما ذكر هذا بالنسبة للعموم : أي فإخبار عدد التواتر من جملة ما يثبت به الشهر على العموم وإن لم يكن عند قاض وعبارته : وكهذين : أي إكمال شعبان ثلاثين ورؤية الهلال للخبر المتواتر برؤيته ولو من كفار انتهت . نعم في عطفه المذكور نظير يعلم مما قدمناه في قول الشارح أو علم القاضي ، وظاهر أن صورة المسألة أنهم أخبروا عن رؤيتهم أو عن رؤية عدد التواتر كما يعلم من شروط عدد التواتر الذي يفيد العلم فليس منه إخبارهم عن واحد رآه أو أكثر ممن لم يبلغ عدد التواتر كما هو ظاهر كما يقع كثير من الإشاعات فتنبه [ ص: 155 ] قوله : خلافا لابن أبي الدم ) أي في قوله لا يكفي ( قوله : أو يكون حنفيا ) لعله حنبليا لأنه هو الذي يرى ذلك ورأيته كذلك في بعض الهوامش فليراجع ( قوله : فلا ينافي كونه قد يثبت بأكثر منه إلخ ) قد يقال : بل الثبوت في صورة الأكثر إنما حصل بواحد لحصول المقصود به فما زاد لم يفد إلا التأكيد فهو داخل في عبارة المصنف منطوقا




                                                                                                                            الخدمات العلمية