الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            الركن الثالث : النية المعبر عنه بالشرط في قوله ( ويشترط نية الاعتكاف ) يعني لا بد فيه منها ابتداء كالصلاة وغيرها من العبادات سواء المنذور وغيره تعين زمانه أم لا ( وينوي ) حتما ( في النذر الفرضية ) ليتميز عن النفل ، ولا يشترط تعيين سبب وجوبه وهو النذر ، بخلاف الصوم والصلاة لأن وجوبه لا يكون إلا بالنذر بخلافهما ، والأشبه كما قاله الزركشي الاكتفاء بذكر النذر عن ذكر الفرض لأن الوفاء به واجب فكأنه نوى الاعتكاف الواجب عليه ، وقد صرح بذلك في الذخائر ولا يجب تعيين الأداء والقضاء ، ولو نوى الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه لم يبطل كالصوم ( وإذا ) ( أطلق ) نية الاعتكاف ولم يعين مدة ( كفته نيته ) هذه ( وإن طال مكثه ) لشمول النية المطلقة لذلك ( لكن [ ص: 223 ] لو خرج ) من المسجد ( وعاد ) إليه ( احتاج ) إن لم يعزم عند خروجه على العود ( إلى الاستئناف ) لنية الاعتكاف حتما سواء أخرج لخلاء أم غيره إذ الثاني اعتكاف جديد ، فإن خرج عازما على عوده : أي من أجل الاعتكاف لم يجب تجديدها كما صوبه في المجموع لأنه يصير كنية المدتين ابتداء كما في زيادة عدد ركعات النافلة ، وبه يعلم الجواب عن تنظير الروضة وأصلها فيه أن اقتران النية بأول العبادة شرط فكيف يكتفى بعزيمة سابقة ، ولا نظر لكون الصلاة لم يتخلل فيها بين المزيد والمزيد عليه ما ينافيها ، وهنا تخلل الخروج المنافي لمطلق الاعتكاف لأن تخلل النافي هنا مغتفر حيث استثني زمنه في النية ، ونية العود فيما نحن فيه صيرت ما بعد الخروج مع ما قبله كاعتكاف واحد واستثني زمن المنافي فيه وهو الخروج

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويشترط نية الاعتكاف ) آخر النية إلى هنا لأنه لا بد من تصوير المنوي قبل تعليق النية ( قوله : بخلاف الصوم والصلاة ) أي فلا بد فيهما من تعيين سبب الوجوب وهو النذر ، فلو قال في نية الصلاة المفروضة لم يكف ، ومقتضى قوله لأن وجوبه لا يكون إلا بالنذر أنه لو نذر الضحى أو العيد مثلا ثم قال في نيته : نويت صلاة العيد أو الضحى المفروضة كفاه ذلك لأن فرضية الصلاة المذكورة لا تكون إلا بالنذر ( قوله : وإن طال مكثه ) ويخرج عن عهدة النذر بلحظة وما زاد عليها في وقوعه واجبا أو مندوبا ما قدمناه ،

                                                                                                                            [ ص: 223 ] والأحوط في حقه أن يقول في نذره : لله علي أن أعتكف في هذا المسجد ما دمت فيه ، ثم ينوي الاعتكاف المنذور فيكون متعلق النية جميع المدة التي يمكثها ( قوله : كنية المدتين ) أي مدة ما قبل الخروج وما بعد العود ، وهذا يفيد أنه لو نوى اعتكاف يوم الخميس ويوم الجمعة دون الليل صح فلا يحتاج إذا خرج من المسجد ليلا لنية اعتكاف يوم الجمعة إذا رجع إلى المسجد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لأنه يصير كنية المدتين ابتداء ) يفيد أنه تصح نية المدتين ابتداء ، وانظر ما صورته [ ص: 224 ] فلعل المراد أنه يصير كنية كل مدة منهما في ابتدائها




                                                                                                                            الخدمات العلمية