الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            أما ارتهان واستيداع واستعارة المسلم ونحو المصحف فجائز من غير كراهة فإن استأجر عينه كره .

                                                                                                                            نعم يؤمر بوضع المرهون عند عدل ويستنيب مسلما في قبض المصحف لحدثه وبإيجار المسلم لمسلم كما يؤمر بإزالة ملكه عنه ولو بنحو وقف على غير كافر كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى أو بكتابة الرقيق وإن لم يزل بها الملك لإفادتها الاستقلال ، وبإزالة ملكه عمن أسلم في يده أو ملكه قهرا بنحو إرث أو اختيارا بنحو إقالة أو فسخ أو رجوع أصل واهب أو مقرض فإن امتنع من رفع ملكه عنه باعه الحاكم عليه ولا يكفي التدبير والرهن والإجارة والتزويج والحيلولة ، فإن لم يجد راغبا فيه صبر وحال بينهما إلى أن يوجد ويستكسب له عند ثقة كما في مستولدته ، والأوجه عدم إجباره على بيعها من نفسها بثمن المثل خلافا للزركشي لما فيه من الإجحاف بالمالك بتأخير الثمن في الذمة ، فإن طلب غيره افتداءها منه بقدر قيمتها لم يجبر أيضا خلافا لبعض المتأخرين إذ هو بيع لها ، وهو غير صحيح ، وظاهر كلامهم تعين بيعه على الحاكم لمصلحة المالك بقبض الثمن حالا وإن كان المالك مخيرا [ ص: 392 ] بينه وبين الكتابة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أما ارتهان ) أي الكافر ذلك من مسلم ( قوله : ونحو المصحف ) أي بأن رجي إسلامه واستعاره ليدفعه لمسلم يلقنه منه ( قوله : فإن استأجر عينه ) أي ولو لخدمة مسجد للمسلمين لأن فيه إذلالا له ( قوله : لحدثه ) مفهومه أنه يقبض المسلم بنفسه ، ويخالفه ما ذكره سم على منهج حيث قال : إن الحاكم هو الذي يقبضه ( قوله : وبإيجاز المسلم لمسلم ) مفهومه أنه لا يكفي أن يؤجره لكافر ثم يؤمر ذلك الكافر أيضا بإيجاره وهكذا ، وهو متوجه ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ولعله حيث فهم من حاله أن الغرض من ذلك التلاعب بالمسلمين وإبقاؤه في سلطنة الكفار ، وإلا فلا مانع من إيجاره إلى كافر ، وهو يؤجره إلى كافر آخر إن ظن أن ذلك وسيلة إلى إيجاره لمسلم هذا وبقي ما لو استعاره أو استودعه فهل يمكن من استخدامه في العارية وحفظه في الوديعة أو يتعين أن يستنيب مسلما في حفظه ودفعه إلى مسلم يخدمه فيما تعود منفعته على الكافر مثلا ككون المسلم أبا للكافر أو فرعا له ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الثاني ثم رأيت في سم على بهجة ما يؤخذ منه ترجيح الأول فليتأمل ( قوله : لإفادتها ) أي الكتابة ( قوله : باعه الحاكم ) وجوبا ( قوله : فإن لم يجد راغبا فيه ) أي في شرائه ( قوله : صبر ) أي الحاكم ( قوله : عند ثقة ) ولو امتنع الثقة من ذلك إلا بأجرة جاز له الأخذ من سيده فيما يظهر فيجبر على دفعها له ( قوله : كما في مستولدته ) أي الكافر إذا أسلمت ( قوله : والأوجه عدم إجباره على بيعها ) أي المستولدة ( قوله : خلافا لبعض المتأخرين ) مراده حج ( قوله : وهو غير صحيح ) [ ص: 392 ] أي بل لا يجوز أخذا من قوله وهو غير إلخ ، لكن قد يتوقف في دعواه أن اقتداءها بيع ، ويقال إن ما يدفعه في مقابلة تنجيزه العتق وهو تبرع من الدافع



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 391 ] قوله : وبإزالة ملكه ) الأولى حذفه كلفظ عنه فيما مر ، ويكون قوله عمن أسلم متعلقا بقوله كما يؤمر بإزالة فإن ما صنعه الشارح مع تكريره يوهم غير المراد ، وعبارة التحفة كما يؤمر بإزالة ملكه ولو بنحو وقف على غير كافر أو بكتابة القن عمن أسلم إلخ ( قوله لم يجبر أيضا ) أي ولو فعل لم يصح أخذا من التعليل الآتي ( قوله : إذ هو بيع لها ) [ ص: 392 ] توقف شيخنا في الحاشية في كون الافتداء مبيعا : أي لأنهم فيما لا يحصى من كلامهم يجعلونه مقابلا للبيع ، ومن ثم أجاز الشهاب حج في تحفته هذا الافتداء ، وعبارته : والأوجه إجباره على قبول فداء أجنبي لها بمساوي قيمتها وكذا لو تمحض الرق فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                            لكن قال الشهاب سم في حواشيه : قوله فداء الأجنبي إلخ ، انظر هذا الفداء هنا وفي تمحض الرق الآتي هل هو عقد عتاقة وهو بعيد جدا أو لا فيهما فما حكم الرقيق حينئذ ، هل انقطع الملك عنه وهو مشكل إذ لا مملوك بلا مالك أو عقد عتاقة هنا لا في تمحض الرق بل يملكه فيه المفتدي ؟ والوجه امتناع ذلك في المستولدة إذ لا جائز أن يكون افتداؤها عقد عتاقة ، بل لو كان كذلك لم يجز لأن العقد عليها مع غيرها ممتنع وإن أدى إلى العتق وإنما هو عقد بيع وبيعها لغيرها ممتنع ، وأما في تمحض الرق فهو بيع كسائر البيوع ا هـ فأشار إلى أن افتداءها هنا لا يكون إلا بيعا لها لما ذكره وإن كان الافتداء مقابل البيع في غير هذا الموضع فظهر قول الشارح إذ هو بيع لها ، وحصل الجواب عن توقف الشيخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية