الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال ) مراده : إذا لم يخف فوت رفقته . فإن خاف فوتهم جاز ، قاله المصنف ، والشارح ، والمجد ، وأبو الخطاب ، وغيرهم من الأصحاب . وقد تقدم ما يعذر فيه في ترك الجمعة والجماعة . [ ص: 374 ] فإذا لم يكن عذر لم يجز السفر بعد الزوال ، حتى يصلي ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، بناء على استقرارها بأول وقت وجوبها . قال في الفروع : فلهذا خرج الجواز مع الكراهة ما لم يحرم ; لعدم الاستقرار . قوله ( ويجوز قبله ) يعني وبعد الفجر ; لأنه ليس بوقت للزوم على الصحيح ، على ما يأتي . وهذا المذهب ، قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، قال في مجمع البحرين : هذا أصح الروايات ، واختاره المصنف ، وابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في المستوعب ، والفائق ، والنظم ، وعنه لا يجوز . جزم به في الوجيز ، والمنور . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، وشرح ابن رزين ، وإدراك الغاية . وصححه ابن عقيل . وعنه يجوز للجهاد خاصة . جزم به في الإفادات ، والكافي وقدمه في الشرح . قال في المغني : وهو الذي ذكره القاضي . وهذا يكون المذهب على ما أسلفناه في الخطبة ، وأطلقهن في الهداية ، والمذهب . ومسبوك المذهب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، وابن تميم ، والحاويين ، وشرح الطوفي ، والفروع . وأطلق في الكافي في غير الجهاد الروايتين ، وقال الطوفي في شرحه : قلت ينبغي أن يقال : لا يجوز له السفر بعد الزوال أو حين يشرع في الأذان لها ، لجواز أن يشرع في ذلك في وقت صلاة العيد ، على الصحيح من المذهب ، ولا نزاع في تحريم السفر حينئذ . لتعلق حق الله بالإقامة وليس ذلك بعد الزوال . انتهى .

تنبيهات الأول : هذا الذي قلنا من ذكر الروايات هو أصح الطريقتين ، أعني أن محل الروايات : فيما إذا سافر قبل الزوال وبعد طلوع الفجر . وعليه أكثر [ ص: 375 ] الأصحاب . وهو ظاهر ما قطع به المصنف هنا ; لأنه ليس وقت وجوبها ، على ما يأتي قريبا . قال المجد : الروايات الثلاث مبنية على أن الجمعة بالزوال ، وما قبله وقت رخصة وجواز ، لا وقت وجوب ، وهو أصح الروايتين ، وعنه تجب بدخول وقت جوازها . فلا يجوز السفر فيه قولا واحدا . انتهى وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، وقال : وذكر القاضي في موضوع : منع السفر بدخول وقت فعل الجمعة ، وجعل الاختلاف فيما قبل ذلك . انتهى . الثاني : محل الخلاف في أصل المسألة : إذا لم يأت بها في طريقه . فأما إن أتى بها في طريقه : فإنه يجوز له السفر من غير كراهة . الثالث : إذا قلنا برواية الجواز ، فالصحيح : أنه يكره . قدمه في الفروع وغيره . قال بعض الأصحاب : يكره رواية واحدة . قال الإمام أحمد : قل من يفعله إلا رأى ما يكره . وقال في الفروع : وظاهر كلام جماعة لا يكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية