الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يحنث في قوله لا يخرج إلا إلى جنازة إن خرج إليها ) قاصدا عند انفصاله من باب داره مشى معها أم لا لما في البدائع إن خرجت إلا إلى المسجد فأنت طالق فخرجت تريد المسجد ثم بدا لها فذهبت لغير المسجد لم تطلق ( ثم أتى أمرا آخر ) لأن الشرط في الخروج والذهاب والرواح والعيادة والزيارة النية عند الانفصال لا الوصول إلا في الإتيان .

التالي السابق


( قوله قاصدا ) أي قاصدا الخروج إليها فلو قصد الخروج لغيرها حنث وإن ذهب إليها ( قوله عند انفصاله من باب داره ) لأنه بذلك يعد خارجا بها ، فلو كان في منزل من داره فخرج إلى صحنها ثم رجع لا يحنث لم يخرج من باب الدار لأنه لا يعد خارجا في جنازة فلان ما دام في داره بحر عن المحيط ( قوله لأن الشرط إلخ ) علة لقوله مشى معها أم لا ولما استشهد عليه من عبارة البدائع أيضا .

وحاصله : أن المستثنى هو الخروج على قصد الجنازة والخروج هو الانفصال من داخل إلى خارج ، ولا يلزم فيه الوصول إليها ليمشي معها أو يصلي عليها ، وأما علة عدم الحنث فيما إذا أتى أمرا آخر بعد خروجه إليها فهي ما أفاده في الفتح من أن ذلك الإتيان ليس بخروج والمحلوف عليه هو الخروج ( قوله والذهاب ) كون الذهاب مثل الخروج هو الذي مشى عليه في الكنز وغيره وصححه في الهداية وغيرها . قال في الدر المنتقى : وقيل كالإتيان فيشترط فيه الوصول وصححه في الخانية والخلاصة قال الباقاني : والمعتمد الأول نعم لو نوى بالذهاب الإتيان أو الخروج فكما نوى . ا هـ .

قلت : والإرسال والبعث كالخروج أيضا فإنه لا يشترط فيهما الوصول . ففي الذخيرة : لو قال إن لم أرسل إليك أو إن لم أبعث إليك هذا الشهر نفقتك فأنت كذا فضاعت من يد الرسول لا يحنث ( قوله والرواح ) هو بحث للبحر كما يأتي ويظهر لي أن العرف فيه استعماله مرادا به الوصول ولا يخفى أن النية تكفي أيضا ( قوله والعيادة والزيارة ) تابع في ذلك صاحب البحر حيث قال وقيد بالإتيان لأن العيادة والزيارة لا يشترط فيهما الوصول ولذا قال في الذخيرة : إذا حلف ليعودن فلانا وليزورنه فأتى بابه فلم يؤذن له فرجع ولم يصل إليه لا يحنث وإن أتى بابه ولم يستأذن حنث . ا هـ .

قلت : ومقتضاه أن الإتيان يشترط فيه الاجتماع وليس كذلك لما في الذخيرة : ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لم يلقه وإن أتى مسجده لم يحنث رواه إبراهيم عن محمد ا هـ . فقد علم أن العيادة والزيارة مثل الإتيان في اشتراط الوصول إلى المنزل دون صاحبه بل يشترط في العيادة والزيارة الاستئذان فهما أقوى من الإتيان في اشتراط الوصول ، فلا يصح إلحاقهما بالخروج والذهاب والحمد لله ملهم الصواب ( قوله إلا في الإتيان ) صوابه إلا في الإتيان والعيادة والزيارة كما علمت من اشتراط الوصول [ ص: 756 ] في الثلاثة ومثله الصعود . ففي الذخيرة قال لامرأته : إن صعدت هذا السطح فأنت كذا فارتقت مرقاتين أو ثلاثة فقيل يجب أن يكون فيه الخلاف المار في الذهاب . وقال أبو الليث وعندي لا يحنث هنا بالاتفاق ا هـ .

قلت : وصحح في الخانية ولعل وجهه أن صعود السطح الاستعلاء عليه فلا بد من الوصول ، نعم لو قال : إن صعدت إلى السطح ينبغي أن يجري فيه الخلاف المار تأمل ، وفي الذخيرة عن المنتقى لزم رجلا فحلف الملتزم ليأتينه غدا فأتى في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله ، ولو لزمه في منزله فتحول إلى غيره لا يبر حتى يأتي المنزل الذي تحول إليه ولو قال إن لم آتك غدا في موضع كذا فأتاه فلم يجده فقد بر بخلاف إن لم أوافك لأنه على أن يجتمعا




الخدمات العلمية