الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 541 ] ونظيره البيع بالرقم سراج ( وكذا ) الحكم ( في كل معدود متفاوت ) كإبل وعبيد وبطيخ وكذا كل ما في تبعيضه ضرر كمصوغ أوان بدائع ولو سمى عدد الغنم أو الذرع أو جملة الثمن صح اتفاقا ، والضابط لكلمة كل أن الأفراد إن لم تعلم نهايتها فإن لم تؤد للجهالة فللاستغراق كيمين وتعليق وإلا فإن لم تعلم في المجلس فعلى الواحد اتفاقا كإجارة وكفالة [ ص: 542 ] وإقرار وإلا فإن تفاوتت الأفراد كالغنم لم يصح في شيء عنده والأصح في واحد عنده كالصبرة وصححاه فيهما في الكل بحر . وفي النهر عن العيون والشرنبلالية عن البرهان والقهستاني عن المحيط وغيره وبقولهما يفتى تيسيرا

[ ص: 541 ]

التالي السابق


[ ص: 541 ] مطلب : البيع بالرقم ( قوله : ونظيره البيع بالرقم ) بسكون القاف علامة يعرف بها مقدار ما وقع به البيع من الثمن ، فإذا لم يعلم المشتري ينظر إن علم في مجلس البيع نفذ ، وإن تفرقا قبل العلم بطل درر من باب البيع الفاسد ، وتعقبه في الشرنبلالية بأن النافذ لازم وهذا فيه الخيار بعد العلم بقدر الثمن في المجلس ، وبأن قوله : بطل غير مسلم ; لأنه فاسد ، يفيد الملك بالقبض وعليه قيمته بخلاف الباطل . وأجيب عن الأول بأنه ليس كل نافذ لازما فقد شاع أخذها النافذ مقابلا للموقوف ا هـ وفي الفتح : أن البيع بالرقم فاسد ; لأن الجهالة تمكنت في صلب العقد وهو جهالة الثمن . بسبب الرقم وصارت بمنزلة القمار للخطر الذي فيه أنه سيظهر كذا وكذا وجوازه فيما إذا علم في المجلس بعقد آخر هو التعاطي كما قاله الحلواني . ا هـ . وانظر ما قدمناه في بحث البيع بالتعاطي . ( قوله : ولو سمى إلخ ) أي في صلب العقد ، فلا ينافي قوله : وإن علم عدد الغنم في المجلس إلخ قال : في البحر : قيد بعدم تسمية ثمن الكل ; لأنه لو سمى كما إذا قال : بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم ، وكل ذراع بدرهم فإنه جائز في الكل اتفاقا كما لو سمى جملة الذرعان أو القطيع . ا هـ .

مطلب : الضابط في كل ( قوله : والضابط لكلمة كل إلخ ) اعلم أنهم ذكروا فروعا في كل ظاهرها التنافي ، فإنهم تارة جعلوها مفيدة للاستغراق ، وتارة للواحد وتارة لا تفيد شيئا منهما فاقتحم صاحب البحر في ذكر ضابط يحصر الفروع المذكورة بعد تصريحهم ، بأن لفظ كل لاستغراق أفراد ما دخلته من المنكر وأجزائه في المعرف . قلت : ولذا صح قولك : كل رمان مأكول بخلاف قولك : كل الرمان مأكول ; لأن بعض أجزائه كقشره غير مأكول . ( قوله : إن لم تعلم نهايتها ) أما إن علمت فالأمر فيها واضح كما إذا قال : كل زوجة لي طالق ، وله أربع زوجات مثلا فإن كلا تستغرقها ا هـ . ح أي بلا تفصيل .

( قوله : فإن لم تؤد للجهالة ) أي المفضية إلى المنازعة والأولى قول البحر : فإن لم تفض الجهالة إلى منازعة . ( قوله : كيمين وتعليق ) عطف تفسير وعبارة البحر كمسألة التعليق والأمر بالدفع عنه وذكر قبله مسألة التعليق وقال : إنها للكل اتفاقا كما إذا قال : كل امرأة أتزوجها ، أو كلما اشتريت هذا الثوب أو ثوبا فهو صدقة أو كلما ركبت هذه الدابة أو دابة ، وفرق أبو يوسف بين المنكر والمعين في الكل وتمامه في الزيلعي من التعليق وفي الخانية كلما أكلت اللحم ، فعلي درهم ، فعليه بكل لقمة درهم ، وذكر مسألة الأمر بالدفع فيما إذا أمر رجلا بأن يدفع لزوجته نفقة فقال : ادفع عني كل شهر كذا فدفع المأمور أكثر من شهر لزم الآمر . ( قوله : وإلا ) أي بأن أدت للجهالة المفضية إلى المنازعة . ( قوله : فإن لم تعلم ) أي لم يمكن علمها كما في البحر ، ففي عبارته تسامح . ( قوله : كإجارة ) صورته : آجرتك داري كل شهر بكذا صح في شهر واحد ، وكل شهر سكن أوله لزمه . ( قوله : وكفالة ) صورته : إذا ضمن لها نفقتها كل شهر أو كل يوم ، لزمه نفقة واحدة عند الإمام ، [ ص: 542 ] خلافا لأبي يوسف بحر . ( قوله وإقرار ) صورته : إذا قال : لك علي كل درهم ، ولو زاد من الدراهم فقياس قول الإمام عشرة وقالا ثلاثة بحر .

[ تنبيه ] زاد في البحر هنا قسما آخر ، وعبارته ثم رأيت بعد ذلك في آخر غصب الخانية من مسائل الإبراء لو قال : كل غريم لي فهو في حل قال : ابن مقاتل لا يبرأ غرماؤه ; لأن الإبراء إيجاب الحق للغرماء وإيجاب الحقوق لا يجوز إلا لقوم بأعيانهم ، وأما كلمة كل في باب الإباحة فقال : في الخانية من ذلك الباب لو قال : كل إنسان تناول من مالي فهو له حلال قال : محمد بن سلمة : لا يجوز ومن تناوله ضمن ، وقال : أبو نصر محمد بن سلام : هو جائز نظرا إلى الإباحة ، والإباحة للمجهول جائزة ومحمد جعله إبراء عما تناوله والإبراء للمجهول باطل والفتوى على قول أبي نصر . ا هـ . ويمكن أن يقال : في الضابط بعد قوله فهو على الواحد اتفاقا إن لم يكن فيه إيجاب حق لأحد فإن كان لم يصح ولا في واحد كمسألة الإبراء ا هـ كلام البحر . ( قوله : وإلا ) أي بأن علمت في المجلس والمراد أمكن علمها فيه كما قدمناه عن البحر في قوله : فإن لم تعلم وحينئذ فلا يرد أن الغنم إن علمت في صلب العقد صح في الكل وأن الصبرة إن علمت في المجلس صح في الكل أيضا فافهم . ( قوله : كالغنم ) أدخلت الكاف كل معدوم متفاوت ط .

( قوله : وإلا ) بأن لم تتفاوت . ( قوله : وصححاه فيهما في الكل ) أي وصحح الصاحبان العقد في الثلة والصبرة في كل الغنم وكل الأقفزة . ا هـ . ح : أي سواء علم في المجلس أو لا ، والأولى إرجاع ضمير فيهما إلى المثلي والقيمي ، ليشمل المذروع وكل معدود متفاوت ، وعبارة مواهب الرحمن هكذا وبيع صبرة مجهولة القدر كل صاع بدرهم وثلة أو ثوب كل شاة أو ذراع بدرهم صحيح في واحدة في الأولى ، فاسد في كل الثانية والثالثة ، وأجازه في الكل كما لو عم في المجلس بكيل . أقول : وبه يفتى . ا هـ . وعبارة القهستاني ، وهذا كله عنده ، وأما عندهما فنفذ في الكل في الصورتين : أي صورتي المثلي والقيمي بلا خيار للمشتري إن رآه وعليه الفتوى كما في المحيط وغيره . ا هـ .




الخدمات العلمية