الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن باع صبرة على أنها مائة قفيز بمائة درهم وهي أقل أو أكثر أخذ ) المشتري ( الأقل بحصته ) إن شاء ( أو فسخ ) لتفرق الصفقة وكذا كل مكيل أو موزون [ ص: 543 ] ليس في تبعيضه ضرر . ( وما زاد للبائع ) لوقوع العقد على قدر معين

التالي السابق


( قوله : وإن باع صبرة إلخ ) قيل : هذا مقابل قوله وفي صاع في بيع صبرة . قلت : وفيه نظر بل مقابله قوله وصح في الكل إن سمى جملة قفزانها وما هنا بيان لذلك المقابل وتفصيل له فافهم . ( قوله : على أنها مائة قفيز ) قيد بكونه بيع مكايلة ; لأنه لو اشترى حنطة مجازفة في البيت ، فوجد تحتها دكانا خير بين أخذها بكل الثمن وتركها ، وكذا لو اشترى بئرا من حنطة ، على أنها كذا وكذا ذراعا ، فإذا هي أقل ، وإذا كان طعاما في حب فإذا نصفه تبن يأخذه بنصف الثمن ; لأن الحب وعاء يكال فيه فصار المبيع حنطة مقدرة والبيت والبئر لا يكال بهما وشمل ما إذا كان المسمى مشروطا بلفظ أو بالعادة ، لما في البزازية اتفق أهل بلدة على سعر الخبز واللحم ، وشاع على وجه لا يتفاوت فأعطى رجل ثمنا واشترى وأعطاه أقل من المتعارف إن من أهل البلدة يرجع بالنقصان فيهما من الثمن ، وإلا رجع في الخبز ; لأنه فيه متعارف ، فيلزم الكل لا في اللحم فلا يعم . ا هـ . بحر .

( قوله : أخذ الأقل بحصته أو فسخ ) أطلق في تخييره عند النقصان في المثلي ، وذكر له البحر قيدين : الأول عدم قبضه كل المبيع أو بعضه فإن قبض الكل لا يخير كما في الخانية ، يعني بل يرجع في النقصان ، والثاني عدم كونه مشاهدا له [ ص: 543 ] لما في الخانية اشترى سويقا على أن البائع لته بمن من السمن وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري ; لأن هذا مما يعرف بالعيان ، فإذا عاينه انتفى الغرر كما لو اشترى صابونا على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن فظهر أنه متخذ من أقل ، والمشتري ينظر إلى الصابون وقت الشراء ، وكذا لو اشترى قميصا على أنه متخذ من عشرة أذرع ، وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري . ا هـ . واعترض في النهر الأول بأن الموجب للتخيير إنما هو تفريق الصفقة ، وهذا القدر ثابت فيما لو وجده بعد القبض ناقصا إلا أن يقال : إنه بالقبض صار راضيا بذلك فتدبره ا هـ . قلت : هذا ظاهر إذا علم بنقضه قبل القبض ، وإلا فلا يكون راضيا فينبغي التفصيل تأمل .

واعترض في النهر أيضا الثاني ، بأن الكلام في مبيع ينقسم أجزاء الثمن فيه على أجزاء المبيع وما في الخانية ليس منه لتصريحهم بأن السويق قيمي لما بين السويقين من التفاوت الفاحش بسبب القلي ، وكذا الصابون كما في جامع الفصولين ، وأما الثوب فظاهر وعلى هذا ، فما سيأتي من أنه يخير في نقص القيمي بين أخذه بكل الثمن ، أو تركه مقيدا بما إذا لم يكن مشاهدا فتدبره . ا هـ . قلت : وينبغي أن يكون هذا فيما يمكن معرفة النقصان فيه بمجرد المشاهدة ، وذلك إنما يظهر فيما يفحش نقصانه فإذا شاهده يكون راضيا به ، ثم إن الظاهر من كلام الخانية أنه عند المعاينة يلزم البيع بكل الثمن ، بلا خيار ، وكلامنا في التخيير بين الفسخ وأخذ الأقل بحصته لا بكل الثمن ، فلذا جعل في النهر عدم المشاهدة قيدا في القيمي ، لا في المثلي أي أنه في القيمي يأخذ الأقل بكل الثمن بلا خيار إذا كان مشاهدا وعن هذا لم يذكره الشارح هنا بل في القيمي . ( قوله : ليس في تبعيضه ضرر ) خرج ما في تبعيضه ضرر لما في الخانية لو باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالا فوجدها أكثر سلمت للمشتري ; لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف بمنزلة الذرعان في الثوب . ا هـ . وفيها القول للمشتري في النقصان ، وإن وزنه له البائع ما لم يقر بأنه قبض منه المقدار ا هـ . نهر . ( قوله : وما زاد للبائع ) راجع إلى قوله أو أكثر ، قال : في النهر وقيده الزاهدي بما لا يدخل تحت الكيلين ، أو الوزنين أما ما يدخل ، فلا يجب رده واختلف في قدره فقيل : نصف درهم في مائة وقيل : دانق في مائة لا حكم له وعن أبي يوسف دانق في عشرة كثير وقيل : ما دون حبة عفو في الدينار ، وفي القفيز المعتاد في زماننا نصف من . ا هـ .

مطلب : المعتبر ما وقع عليه العقد وإن ظن البائع أو المشتري أنه أقل أو أكثر ( قوله : على قدر معين ) فما زاد عليه لا يدخل في العقد فيكون للبائع بحر ومفاده : أن المعتبر ما وقع عليه العقد من العدد ، وإن كان ظن البائع أو المشتري أنه أقل أو أكثر ولذا قال : في القنية : عد الكواغد فظنها أربعة وعشرين وأخبر البائع به ثم أضاف العقد إلى عينها ولم يذكر العدد ثم زادت على ما ظنه فهي حلال للمشتري . ساومه الحنطة كل قفيز بثمن معين وحاسبوا فبلغ ستمائة درهم فغلطوا ، وحاسبوا المشتري بخمسمائة ، وباعوها منه بالخمسمائة ثم ظهر أن فيها غلطا لا يلزمه إلا خمسمائة . أفرز القصاب أربع شياه فقال : بائعها هي بخمسة كل واحدة بدينار وربع ، فجاء القصاب بأربعة دنانير فقال : هل بعت هذه بهذا القدر والبائع يعتقد أنها خمسة صح البيع قال : وهذا إشارة إلى أنه لا يعتبر ما سبق أن كل واحدة بدينار وربع . ا هـ . وأقره في البحر .




الخدمات العلمية