الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2156 ( ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا ، وقال : كان يقال : السحت الرشوة في الحكم ، وكانوا يعطون على الخرص ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قيل : وجه ذكر القسام والخارص في هذا الباب الاشتراك في أن جنسهما وجنس تعليم القرآن والرقية واحد ، انتهى ، قلت : هذا وجه فيه تعسف ويمكن أن يقال وقع هذا استطرادا لا قصدا ، وابن سيرين هو محمد بن سيرين والقسام بالفتح والتشديد مبالغة قاسم ، وقال الكرماني : القسام جمع القاسم ، فعلى قوله القاف مضمومة ، قلت : السحت بضم السين وسكون [ ص: 98 ] الحاء المهملتين ، وحكي ضم الحاء وهو شاذ ، وقد فسره بالرشوة في الحكم ، وهو بتثليث الراء ، وقيل : بفتح الراء المصدر وبالكسر الاسم ، وقيل : السحت ما يلزم العار بأكله ، وقال ابن الأثير : الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة ، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء ، وقال : السحت الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها ، واشتقاقه من السحت بالفتح وهو الإهلاك والاستئصال ، قوله : " وكانوا يعطون " أي الأجرة على الخرص بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء ، وبالصاد المهملة وهو الحزر وزنا ومعنى ، ومضى الكلام فيه في البيوع .

                                                                                                                                                                                  ثم اعلم أن قول ابن سيرين في أجرة القسام مختلف فيه ، فروى عبد بن حميد في ( تفسيره ) من طريق يحيى بن عتيق عن محمد وهو ابن سيرين أنه كان يكره أجور القسام ويقول : كان يقال : السحت الرشوة على الحكم ، وأرى هذا حكما يؤخذ عليه الأجر ، وروى ابن أبي شيبة من طريق قتادة قال : قلت لابن المسيب : ما ترى في كسب القسام فكرهه ، وكان الحسن يكره كسبه ، وقال ابن سيرين : إن لم يكن حسنا فلا أدري ما هو ، وجاءت عنه رواية يجمع بها ما بين هذا الاختلاف ، قال ابن سعد : حدثنا عارم ، حدثنا حماد عن يحيى عن محمد هو ابن سيرين أنه كان يكره أن يشارط القسام ، فكأنه كان يكره له أخذ الأجرة على سبيل المشارطة ولا يكرهها إذا كانت بغير اشتراط ، وأما قول ابن سيرين السحت : الرشوة في الحكم ، فأخذه مما جاء عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنهم - من قولهم في تفسير السحت أنه الرشوة في الحكم ، أخرجه الطبري بأسانيده عنهم ، ورواه من وجه آخر مرفوعا برجال ثقات ولكنه مرسل ولفظه : كل جسم أنبته السحت فالنار أولى به ، قيل : يا رسول الله وما السحت ؟ قال : " الرشوة في الحكم " .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية