الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2174 5 - ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو قال : سمع nindex.php?page=showalam&ids=11958محمد بن علي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=652132قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=24490_33589_33597_26739_33461_7690_8835لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا ، فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر فنادى : من كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أو دين فليأتنا ، فأتيته ، فقلت : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي : كذا وكذا ، فحثى لي حثية ، فعددتها ، فإذا هي خمسمائة ، وقال : خذ مثليها ) .
مطابقته للترجمة من حيث إن أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - كما قام مقام النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - تكفل بما كان عليه من واجب أو تطوع فلما التزم ذلك لزمه أن يوفي جميع ما عليه من دين وعدة ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الوفاء بالوعد ، ونفذ أبو بكر ذلك .
( ذكر رجاله ) وهم خمسة ، الأول : nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله المعروف بابن المديني ، الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، الثالث : nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، الرابع : nindex.php?page=showalam&ids=11958محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - ، الخامس : nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه السماع ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن شيخه وشيخ شيخه مدنيان وسفيان وعمرو مكيان ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي ، nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار روى كثيرا عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وهاهنا كان بينهما واسطة وهو محمد بن علي .
( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الخمس عن nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله أيضا ، وفي المغازي عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، وفي الشهادات عن nindex.php?page=showalam&ids=12396إبراهيم بن موسى ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم ، وعن محمد بن يحيى ، وعن محمد بن حاتم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر .
( ذكر معناه ) قوله : " لو قد جاء " ومعنى قد هاهنا لتحقق المجيء ، قوله : " مال البحرين " والمراد بالمال مال الجزية ، والبحرين على لفظ تثنية البحر موضع بين البصرة وعمان ، وكان العامل عليها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - العلاء بن الحضرمي ، قوله : " قد [ ص: 121 ] أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " ، وفي الشهادات : فبسط يده ثلاث مرات ، قوله : " عدة " أي وعد ، وأصل عدة وعد ، فلما حذفت الواو عوضت عنها الياء في آخره ، فوزنه على هذا علة ، قوله : " فحثى لي حثية " بفتح الحاء المهملة ، والحثية ملء الكف ، وقال ابن قتيبة : هي الحفنة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : هي ملء الكفين ، والفاء في فحثى عطف على محذوف تقديره خذ هكذا ، وأشار بيديه ، وفي الواقع هو تفسير لقوله خذ هكذا ، قوله : " وقال خذ مثليها " أي قال أبو بكر : خذ أيضا مثلي خمسمائة ، فالجملة ألف وخمسمائة ، وذلك لأن nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا لما قال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : nindex.php?page=hadith&LINKID=654032لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ثلاث مرات ، حثى له أبو بكر حثية فجاءت خمسمائة ، ثم قال : خذ مثليها ، ليصير ثلاث مرات ، تنفيذا لما وعده النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بقوله هكذا ثلاث مرات ، وكان ذلك وعدا من النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وكان من خلقه الوفاء بالعهد ، ونفذه أبو بكر بعد وفاته - صلى الله تعالى عليه وسلم - .
وقال بعضهم : وفيه nindex.php?page=treesubj&link=29595قبول خبر الواحد العدل من الصحابة ولو جر ذلك نفعا لنفسه ; لأن أبا بكر لم يلتمس من nindex.php?page=showalam&ids=36جابر شاهدا على صحة دعواه ، انتهى ( قلت ) إنما لم يلتمس شاهدا منه لأنه عدل بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا فمثل nindex.php?page=showalam&ids=36جابر إن لم يكن من خير أمة فمن يكون ؟ وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=662334من كذب علي متعمدا " الحديث ، ولا يظن ذلك nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم فضلا عن صحابي ، فلو وقعت هذه المسألة اليوم فلا تقبل إلا ببينة ، وقال هذا القائل أيضا : ويحتمل أن يكون أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - علم بذلك فقضى له بعلمه ، فيستدل به على جواز مثل ذلك للحاكم ، انتهى .
( قلت ) هذا الباب فيه تفصيل ، وليس على الإطلاق ; لأن علم القاضي على أنواع :
منها ما يعلم به قبل البلوغ وقبل الولاية من الأقوال التي يسمعها والأفعال التي يشاهدها ، ومنها ما يعلمها بعد البلوغ قبل الولاية ، ومنها ما يعلمه بعد الولاية ولكن في غير عمله الذي وليه ، ومنها ما يعلمه بعد الولاية في عمله الذي وليه ، ففي الفصل الأول لا يقضي بعلمه مطلقا ، وفي الفصل الثاني خلاف بين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه ، فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لا يقضي ، وعندهما يقضي إلا في الحدود والقصاص ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قولان ، وفي الثاني : لا يقضي أيضا ، وفي الرابع : يقضي بلا خلاف ، وقال ابن التين : في الحديث جواز nindex.php?page=treesubj&link=7245_7244هبة المجهول والآبق والكلب ، وفي ( حاوي ) الحنابلة : وتصح nindex.php?page=treesubj&link=7306هبة المشاع وإن تعذرت قسمته ، وفي الروضة للشافعية : تجوز هبة المشاع سواء المنقسم أو غيره ، وسواء وهبه للشريك أو غيره ، ويجوز هبة الأرض المزروعة مع زرعها ودون زرعها ، وعكسه ، انتهى . وعندنا لا تجوز الهبة فيما لا يقسم إلا محوزة ، أي مفرغة عن أملاك الواهب حتى لا تصح هبة الثمر على الشجر ، والزرع على الأرض بدون الشجر والأرض ، وكذا العكس ، وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة .
وفيه العدة ، فجمهور العلماء منهم nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد على أن إنجاز العدة مستحب ، وأوجبه الحسن وبعض المالكية ، وقد استدل بعض الشافعية بهذا الحديث على وجوب nindex.php?page=treesubj&link=30987الوفاء بالوعد في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم زعموا أنه من خصائصه ، ولا دلالة فيه أصلا لا على الوجوب ولا على الخصوصية .