الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2209 15 - حدثنا صدقة قال : أخبرنا عبد الرحمن ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال عمر رضي الله عنه : لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الثاني من الترجمة بيان ذلك أن عمر - رضي الله تعالى عنه - لما فتح السواد لم يقسمها بين أهلها ، بل وضع على من بهم من أهل الذمة الخراج ، فزارعهم وعاملهم ، وبهذا يظهر أيضا دخول هذا الباب في أبواب المزارعة .

                                                                                                                                                                                  ورجاله ستة : الأول : صدقة بن الفضل المروزي ، وهو من أفراده . الثاني : عبد الرحمن بن مهدي البصري . الثالث : مالك بن أنس . الرابع : زيد بن أسلم أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب العدوي ، مات سنة ست وثلاثين ومائة . الخامس : أبوه أسلم مولى عمر بن الخطاب ، يكنى أبا خالد كان من سبي اليمن . وقال الواقدي : أبو زيد الحبشي البجاوي من بجاوة ، كان من سبي عين التمر ، اشتراه عمر بمكة سنة إحدى عشرة لما بعثه أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - ليقيم للناس الحج ، مات قبل مروان بن الحكم ، وهو صلى عليه ، وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة . السادس : عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي ، عن سعيد بن أبي مريم ومحمد بن المثنى ، وفي الجهاد عن صدقة بن الفضل ، وأخرجه أبو داود في الخراج ، عن أحمد بن حنبل ، ولفظ أحمد : لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا يفتح الناس قرية إلا قسمتها بينكم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ما فتحت " على صيغة المجهول . قوله : " قرية " مرفوع به ، ويجوز " فتحت " على بناء الفاعل ، وقرية بالنصب مفعوله . قوله : " إلا قسمتها " زاد ابن إدريس الثقفي في رواية " ما افتتح المسلمون قرية من قرى الكفار إلا قسمتها سهمانا " . قوله : " بين أهلها " ، أي : الغانمين . قوله : " كما قسم النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وزاد ابن إدريس في روايته : ولكن أردت أن يكون جزية تجري عليهم ، وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه يعلم أن المال يعز ، وأن الشح يغلب ، وأن لا ملك بعد كسرى يقيم وتحرز خزائنه ، فيغنى بها فقراء المسلمين ، فأشفق أن يبقى آخر الناس لا شيء لهم ، فرأى أن يحبس الأرض ولا يقسمها كما فعل بأرض السواد ، نظرا للمسلمين وشفقة على آخرهم بدوام نفعها لهم ودر خيرها عليهم ، وبهذا قال مالك في أشهر قوليه إن الأرض لا تقسم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية