الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4254 4528 - حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمعت جابرا - رضي الله عنه - قال كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول؛ فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم . [البقرة: 123] [ مسلم: 1435 - فتح: 8 \ 189]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه عن إسحاق، نا النضر بن شميل ، عن ابن عون ، عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان، قال: تدري فيما أنزلت؟ قلت: لا. قال: نزلت في كذا وكذا. ثم مضى.

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبد الصمد، حدثني أبي، حدثني أيوب، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما فأتوا حرثكم أنى شئتم [البقرة: 223] قال: يأتيها في. رواه محمد بن يحيى بن سعيد ، عن أبيه، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر فيه حديث جابر - رضي الله عنه: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 98 ] ورائها جاء الولد أحول؛ فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
                                                                                                                                                                                                                              [البقرة: 223].

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              إسحاق شيخ البخاري هو ابن إبراهيم كما نسبه ابن السكن ، وقال أبو نعيم -كما رواه عن أبى أحمد : ثنا عبد الله بن محمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا النضر قال: رواه يعني: البخاري عن إسحاق بن إبراهيم، وزعم خلف أن البخاري رواه عن عبد الصمد، وكذا قال أبو نعيم في "مستخرجه".

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (رواه محمد بن يحيى بن سعيد )، زعم خلف أن البخاري رواه تعليقا عن محمد هذا.

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو نعيم ، عن أبي عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا أبو بكر الأعين، حدثني محمد بن يحيى بن سعيد ، عن أبيه به، وزعم ابن طاهر أن محمدا هذا ممن انفرد به البخاري وأباه ابن عساكر فمن بعده فذكره في شيوخ مسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث ابن عمر رضي الله عنهما من أفراده.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث جابر أخرجه مسلم أيضا، وله في طريق آخر، عن الزهري ، من أفراد مسلم : إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد، ويحتمل كما قال الداودي : أنها نزلت في الوجهين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 99 ] وصحح الحاكم حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن هذا الحي من قريش كانوا (يسرحون) النساء: بمكة ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار فرغبوا ليفعلوا ذلك بهن فأنكرن ذلك، فانتهى الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله الآية قال: "إن شئت مقبلة أو مدبرة وإن شئت باركة" وإنما يعني بذلك موضع الولد.

                                                                                                                                                                                                                              وعند الواحدي : جاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت، فقال:

                                                                                                                                                                                                                              "وما أهلكك؟ " قال: حولت رحلي الليلة، فأوحى الله إلى رسوله الآية، يقول: "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيض".


                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المسيب : أنزلت الآية في العزل.

                                                                                                                                                                                                                              والطبري : أن ناسا من حمير أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل منهم: يا رسول الله، إني رجل أحب النساء، فكيف ترى ذلك؟ فنزلت.

                                                                                                                                                                                                                              وعند مقاتل : قال حيي بن أخطب ونفر من اليهود للمسلمين: إنه لا يحل لكم جماع النساء: إلا مستلقيات وإنا نجد في كتاب الله أن جماع المرأة غير مستلقية دنس عند الله، فنزلت.

                                                                                                                                                                                                                              وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الحرث: منبت الولد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال السدي : هي مزرعة يحرث فيها.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 100 ] واختلف في قوله: أنى شئتم فقيل: كيف، وقيل: متى، وقيل: إن شئتم فاعزلوا أو ذروا، وقيل: حيث شئتم، ذكره الطبري . ثم ساق عن يعقوب، ثنا ابن علية ، ثنا ابن عون ، عن نافع ، قال: كان ابن عمر يقول: نزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن، ثم ساق عن ابن عون أيضا مثله. ثم ساق عن أبي قلابة ، عن عبد الصمد كما سلف نحوه، وروى مالك عن ابن عمر أنه قال: أف أف أويفعل ذلك مؤمن؟!

                                                                                                                                                                                                                              وجمهور السلف وأئمة الفتوى على التحريم ولا عبرة بمن خالف، وفيه عدة أحاديث فوق العشرة، صحح ابن حزم منها حديث ابن عباس مرفوعا: "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها". وحديث خزيمة مرفوعا: "إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن"، ثم قال: هما صحيحان تقوم بهما الحجة ولو صح خبر في ذلك لكانا ناسخين، وقد جاء تحريمه عن عدة من الصحابة وغيرهم، وما روي إباحة ذلك عن أحد إلا عن ابن عمر وحده باختلاف عنه، عن نافع باختلاف عنه، وعن مالك باختلاف عنه فقط.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: وجاء عنه إنكاره، ويؤيد الجمهور ردها بالرتق والقرن ولو ساغ الانتفاع بغيره لما ردت.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية