الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                226 227 ص: وقد يجوز أيضا أن يكون رسول الله - عليه السلام - كان يفعل ذلك وهو واجب ثم نسخ، فنظرنا في ذلك هل نجد شيئا من الآثار يدل على هذا المعنى؟ فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، قال: قلت له: "أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر ، عم ذلك؟ قال: حدثتنيه أسماء ابنة زيد بن الخطاب ، : أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها، أن رسول الله - عليه السلام - أمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة، وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يرى أن به على ذلك قوة، وكان لا يدع الوضوء لكل صلاة.

                                                ففي هذا الحديث: أن رسول الله - عليه السلام - كان أمر بالوضوء لكل صلاة، ثم نسخ ذلك، فثبت بما ذكرنا أن الوضوء يجزئ ما لم يكن الحدث.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب آخر عن حديث بريدة ، أنه - عليه السلام - كان يتوضأ لكل صلاة وهو طاهر .

                                                قوله: "أن يكون" فاعل "يجوز" و"رسول الله - عليه السلام -" اسم "يكون".

                                                وقوله: "كان يفعل ذلك" خبره.

                                                وقوله: "وهو واجب" جملة حالية، وذلك إشارة إلى توضئه - عليه السلام - لكل صلاة، وإسناد الحديث المذكور جيد حسن.

                                                والوهبي هو أحمد بن خالد بن موسى الكندي ، ونسبته إلى وهب والد عبد الله المصري

                                                وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق .

                                                [ ص: 381 ] ومحمد بن يحيى بن حبان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة- ابن منقذ بن عمرو بن مالك الأنصاري

                                                وأسماء ابنة زيد بن الخطاب أخت عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، من التابعيات.

                                                وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب واسمه عبد عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية الأنصاري، أبو عبد الرحمن المدني ، له رؤية من النبي - عليه السلام - ويقال: توفي النبي - عليه السلام - وهو ابن سبع سنين. وروى له أبو داود هذا الحديث فقط: عن محمد بن عوف الطائي ، عن أحمد بن خالد ، عن محمد بن إسحاق ... إلى آخره نحوه بسواء.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من طريق أبي داود

                                                قوله: "أرأيت" معناه أخبرني.

                                                قوله: "طاهرا" نصب على أنه خبر "كان" مقدما عليه.

                                                قوله: "أمر بالوضوء" على صفة المجهول، أي: أمره الله تعالى، وكذلك "أمر" الثاني.

                                                قوله: "فلما شق ذلك عليه" أي: لما ثقل التوضؤ لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر على النبي - عليه السلام - "أمر بالسواك" أي باستعماله; لأن نفس السواك لا يؤمر به.

                                                قوله: "يرى أن به قوة" أي يظن أن به طاقة يتحمل الوضوء لكل صلاة.

                                                قوله: "وكان لا يدع" أي: لا يترك، وهذا من الألفاظ التي أماتوا ماضيها، كذا قالوا، وليس بشيء; فإنه قرئ قوله تعالى: ما ودعك بالتخفيف.




                                                الخدمات العلمية