الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
829 582 - (827) - (1 \ 105) حدثني سعد بن عبيدة، قال: تنازع أبو عبد الرحمن السلمي وحبان بن عطية، فقال: أبو عبد الرحمن لحبان: قد علمت ما الذي جرأ صاحبك - يعني عليا - قال: فما هو لا أبا لك؟ قال: قول سمعته يقوله، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير، وأبا مرثد، وكلنا فارس، قال: " انطلقوا حتى تبلغوا روضة خاخ، فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، فأتوني بها " فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال: لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تسير على بعير لها، قال: وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا لها: أين الكتاب الذي معك؟ قالت: ما معي كتاب. فأنخنا بها بعيرها، فابتغينا في رحلها، فلم نجد فيه شيئا، فقال صاحباي: ما نرى معها كتابا. فقلت: لقد علمتما ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حلفت: والذي أحلف به لئن لم تخرجي الكتاب لأجردنك. فأهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعني أضرب عنقه. قال: " يا حاطب، ما حملك على ما صنعت؟ " قال: يا رسول الله، والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله، ولكني أردت أن

[ ص: 411 ] تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، ولم يكن أحد من أصحابك إلا له هناك من قومه من يدفع الله تعالى به عن أهله، وماله. قال: " صدقت، فلا تقولوا له إلا خيرا " فقال عمر: يا رسول الله، إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعني أضرب عنقه. قال: " أوليس من أهل بدر؟ وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع عليهم فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة " فاغرورقت عينا عمر وقال: الله تعالى ورسوله أعلم.


التالي السابق


* قوله: "تنازع أبو عبد الرحمن" : لأنه كان يقول بأن عثمان أفضل، وحبان كان يقول: إن عليا أفضل.

* "ما الذي جرأ" : - بتشديد الراء بعدها همزة - ; أي: جعله جريئا على سفك الدماء وقتال المسلمين، يريد: أنه بدري، وقد سمع فضلهم، وأنهم مغفور لهم، فاغتر بذلك على المعاصي، فكيف يكون أفضل؟ وهذا قلة أدب منه.

* "فاغرورقت" : افعوعل; من الغرق; أي: دمعت.

* * *




الخدمات العلمية