الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
110 82 - (109) - (1 \ 18) عن عمر بن الخطاب، قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام، فسموه: الوليد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سميتموه بأسماء فراعنتكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له: الوليد، لهو شر على هذه الأمة من فرعون لقومه".

التالي السابق


* قوله: "ولد لأخي أم سلمة" : الحديث عده الحافظ أبو الفضل العراقي في الموضوعات، وقال: أورده ابن حبان في "تاريخ الضعفاء" في ترجمة إسماعيل بن عياش، وقال: هذا خبر باطل، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، ولا رواه عمر، ولا حدث به سعيد، ولا الزهري، وإسماعيل بن عياش لما كبر تغير حفظه، فكثر الخطأ في حديثه وهو لا يعلم، وقد أورده ابن الجوزي في موضعين من كتابه "الموضوعات"، وقال: لعل هذا قد أدخل على ابن عياش لما كبر، أو رواه وهو مختلط، انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: قول ابن حبان: إنه باطل، دعوى بلا دليل، وقوله: لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عمر، ولا سعيد، ولا الزهري، شهادة على النفي من غير استقراء تام، فهي مردودة، وكلامه في إسماعيل بن عياش غير مقبول; فإن روايته عن الشاميين عند الجمهور قوية، وهذا الحديث منها، وإنما ضعفوه في غير الشاميين; نص على ذلك ابن معين، وأحمد، وغيرهم، بل وثقه بعضهم مطلقا، وقد وافق ابن حبان الجماعة في ذلك، ونسبته إلى الاختلاط غير ثابتة، وإنما نسبوه إلى سوء الحفظ في حديثه عن غير الشاميين، ثم قدر بكلام طويل أن

[ ص: 96 ] الحديث عن سعيد بن المسيب مرسلا صحيح، جاء بروايات عديدة بأسانيد صحيحة وغيرها.

وأما ذكر عمر فيه، فلم يتابع عليه، وكذا ذكر أبي هريرة كما في بعض الروايات شاذ، والحديث قد جاء عن أم سلمة بإسناد حسن، فالظاهر أن الحديث من روايتها، ثم قال: له شاهد رواه الطبراني عن معاذ، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثا، وفيه: قال: "الوليد: اسم فرعون هادم شرائع الإسلام، يبوء بدمه رجل من أهل بيته"، وقال قبل هذا الكلام: الحديث ليس من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام، بل من أحاديث آداب التسمية، وفيه إخبار عن الغيب، ولهذا ذكروه في دلائل النبوة.

وقال الإمام أحمد وغيره من الأئمة: إذا روينا في الحلال والحرام، شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها، تساهلنا، انتهى; أي: فلو سلم وقوع تساهل فيه لا يضر.

وقال في أثناء الكلام: قال الأوزاعي: كانوا يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد; لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه فقتلوه، فانفتحت الفتن على الأمة، وكثر فيهم الهرج.

وقال الزهري: إن استخلف الوليد بن يزيد، فهو هو، وإلا فهو الوليد بن عبد الملك، انتهى * * *




الخدمات العلمية