الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

933. ومنه ما في اسم فقط ويشكل كنحو حماد إذا ما يهمل      934. فإن يك ابن حرب أو عارم قد
أطلقه فهو ابن زيد أو ورد      935. عن التبوذكي أو عفان
أو ابن منهال فذاك الثاني

التالي السابق


أي: ومن أقسام المتفق والمفترق -وهو القسم السابع منه-: أن يتفق الاسم فقط، ويقع في السند ذكر الاسم فقط، مهملا من غير ذكر أبيه أو نسبة تميزه، ونحو ذلك. وكذلك: أن تتفق الكنية فقط، ويذكر بها في الإسناد من غير تمييز بغيرها [ ص: 269 ] .

فمثاله في الاسم: أن يطلق في الإسناد: حماد، من غير أن ينسب، هل هو ابن زيد أو ابن سلمة؟ ويتميز ذلك عند أهل الحديث بحسب من أطلق من الرواة عنه، فإن كان الذي أطلق الرواية عنه سليمان بن حرب، أو عارم، فالمراد حينئذ: حماد بن زيد، قاله محمد بن يحيى الذهلي، وكذا قاله أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي في كتاب المحدث الفاصل، والمزي في التهذيب.

وإن كان الذي أطلقه أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، فمراده: حماد بن سلمة، قاله الرامهرمزي، إلا أن ابن الجوزي قال في التلقيح: إن التبوذكي ليس يروي إلا عن حماد بن سلمة خاصة، وكذلك إذا أطلقه عفان، فقد روى محمد بن يحيى الذهلي عن عفان، قال: إذا قلت لكم: حدثنا حماد، ولم أنسبه، فهو ابن سلمة، وقال الرامهرمزي : إذا قال عفان: حدثنا حماد، أمكن أن يكون أحدهما كذا، قال الرامهرمزي : وهو ممكن، لولا ما حكاه الذهلي عن عفان من اصطلاحه، فزال أحد الاحتمالين، فلهذا اقتصرت في النظم على أن المراد: ابن سلمة، وإن كان ابن الصلاح حكى القولين، وكذا اقتصر المزي في التهذيب على أن المراد: ابن سلمة، وهو الصواب، والله أعلم. وكذا إذا أطلق ذلك حجاج بن منهال، فالمراد: ابن سلمة، قاله [ ص: 270 ] محمد بن يحيى الذهلي، والرامهرمزي، والمزي أيضا. قلت: وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، فالمراد: ابن سلمة، قاله المزي في التهذيب .

وقولي: ( فذاك الثاني )، أي: حماد بن سلمة، وقيل له الثاني، أي: في الذكر; لكونه قد تقدم ذكر ابن زيد، وإلا فابن سلمة أقدم وفاة من ابن زيد، فليس المراد في الوفاة، بل في الذكر.

قلت: وإنما يزيد الإشكال إذا كان من أطلق ذلك قد روى عنهما معا. أما إذا لم يرو إلا عن أحدهما، فلا إشكال حينئذ عند أهل المعرفة.

وممن انفرد بالرواية عن حماد بن زيد دون ابن سلمة : أبو الربيع الزهراني، وقتيبة، ومسدد، وأحمد بن عبدة الضبي، وآخرون.

وممن انفرد بحماد بن سلمة، دون حماد بن زيد : بهز بن أسد، وآخرون لهم موضع غير هذا. ومثل ابن الصلاح أيضا بما إذا أطلق عبد الله في السند، ثم حكى عن سلمة بن سليمان، قال: إذا قيل بمكة : عبد الله، فهو ابن الزبير، وإذا قيل بالكوفة، فهو ابن مسعود، وإذا قيل بالبصرة، فهو ابن عباس، وإذا قيل بخراسان، فهو ابن المبارك . وقال الخليلي في الإرشاد: "إذا قال المصري: عبد الله، فهو ابن عمرو -يعني: ابن العاص- وإذا قاله المكي، فهو ابن عباس -قلت: لكن قال النضر بن شميل : إذا قال الشامي: عبد الله، فهو ابن عمرو بن العاص- قال: وإذا قال المدني: [ ص: 271 ] عبد الله، فهو ابن عمر". قال الخطيب : وهذا القول صحيح، قال: وكذلك يفعل بعض المصريين في عبد الله بن عمرو بن العاص .

ومثل ابن الصلاح لاتفاق الكنية بأبي حمزة -بالحاء والزاي- عن ابن عباس إذا أطلق، قال: وذكر بعض الحفاظ أن شعبة روى عن سبعة كلهم أبو حمزة، عن ابن عباس، وكلهم بالحاء والزاي إلا واحدا، فإنه بالجيم -أي: والراء- وهو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي . فإذا أطلق، فهو نصر بن عمران، وإذا روي عن غيره، فهو يذكر اسمه، أو نسبه"، والله أعلم.

وللخطيب كتاب مفيد في هذا القسم سماه المكمل في بيان المهمل.




الخدمات العلمية