الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 241 ] المثال السادس والعشرون : nindex.php?page=treesubj&link=16339رد السنة المحكمة في القضاء بالقافة وقالوا : هو خلاف الأصول ، ثم قالوا : لو ادعاه اثنان ألحقناه بهما ، وكان هذا مقتضى الأصول .
ونظير هذا المثال السابع والعشرون : رد السنة المحكمة الثابتة في جعل الأمة فراشا وإلحاق الولد بالسيد وإن لم يدعه ، وقالوا : هو خلاف الأصول ، والأمة لا تكون فراشا ، ثم قالوا : لو nindex.php?page=treesubj&link=27164تزوجها وهو بأقصى بقعة من المشرق وهي بأقصى بقعة من المغرب وأتت بولد لستة أشهر لحقه ، وإن علمنا بأنهما لم يتلاقيا قط ، وهي فراش بالعقد ، فأمته التي يطؤها ليلا ونهارا ليست بفراش ، وهذه فراش ، وهذا مقتضى الأصول ، وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف الأصول على لازم قولهم ، ونظير هذا قياس الحدث على السلام في الخروج من الصلاة بكل واحد منهما ، ودعوى أن ذلك موجب الأصول ، مع بعد ما بين الحدث والسلام ، وترك قياس نبيذ التمر المسكر على عصير العنب المسكر في تحريم قليل كل منهما مع شدة الأخوة بينهما ، ودعوى أن ذلك خلاف الأصول .
ونظيره أن nindex.php?page=treesubj&link=26633_8633الذمي لو منع دينارا واحدا من الجزية انتقض عهده ، وحل ماله ودمه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=8640_8642_8643حرق الكعبة البيت الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهر بسب الله ورسوله أقبح سب على رءوس المسلمين فعهده باق ودمه معصوم ، وعدم النقض بذلك مقتضى الأصول ، والنقض بمنع الدينار مقتضى الأصول .
ونظيره أيضا إباحة nindex.php?page=treesubj&link=27582قراءة القرآن بالعجمية ، وأنه مقتضى الأصول ، ومنع رواية الحديث بالمعنى ، وهو خلاف الأصول .
ونظيره إسقاط الحد عمن nindex.php?page=treesubj&link=10367_10427استأجر امرأة ليزني بها أو تغسل ثيابه فزنى بها ، وأن هذا مقتضى الأصول ، وإيجاب الحد على nindex.php?page=treesubj&link=10374الأعمى إذا وجد على فراشه امرأة فظنها زوجته فبانت أجنبية .
ونظيره أيضا منع المصلي من nindex.php?page=treesubj&link=614_1343_1336الصلاة بالوضوء من ماء يبلغ قناطير مقنطرة وقعت فيه قطرة دم أو بول ، وإباحتهم له أن يصلي في ثوب ربعه متلطخ بالبول ، وإن كان عذرة فقدر راحة الكف .
ونظيره دعواهم أن الإيمان واحد ، والناس فيه سواء ، وهو مجرد التصديق ، وليست الأعمال داخلة في ماهيته ، وأن من nindex.php?page=treesubj&link=23392مات ولم يصل صلاة قط في عمره مع قدرته وصحة [ ص: 242 ] جسمه وفراغه فهو مؤمن ، وتكفيرهم من nindex.php?page=treesubj&link=10025_10037يقول مسيجد أو فقيه بالتصغير أو nindex.php?page=treesubj&link=29644_29645يقول للخمر أو للسماع المحرم : ما أطيبه وألذه .
ونظير ذلك أنه لو شهد عليه أربعة بالزنا فقال : " صدقوا " سقط عنه الحد بتصديقهم ، ولو قال : " كذبوا علي " حد .
ونظيره أنه لا يصح nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار دار تجعل مسجدا يصلي فيه المسلمون ، وتصح إجارتها كنيسة يعبد فيها الصليب والنار .
ونظيره أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=214قهقه في صلاته بطل وضوءه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=214غنى في صلاته أو قذف المحصنات أو شهد بالزور فوضوءه بحاله .
ونظيره أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=614وقع في البئر فأرة تنجست البئر ; فإذا نزع منها دلو فالدلو والماء نجسان ، ثم هكذا إلى تمام كذا وكذا دلوا ، فإذا نزع الدلو الذي قبل الأخير فرشرش على حيطان البئر نجسها كلها ، فإذا جاءت النوبة إلى الدلو الأخير قشقش النجاسة كلها من البئر وحيطانها وطينها بعد أن كانت نجسة .
ونظيره إنكار كون القرعة التي ثبت فيها ستة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها آيتان من كتاب الله طريقا للأحكام الشرعية ، وإثبات حل الوطء بشهادة الزور التي يعلم المقدوح أنها شهادة زور ، وبها فرق الشاهدان بين الرجل والمرأة .
ونظير هذا nindex.php?page=treesubj&link=12789إيجاب الاستبراء على السيد إذا ملك امرأة بكرا لا يوطأ مثلها ، مع القطع ببراءة رحمها ، وإسقاطه عمن nindex.php?page=treesubj&link=12785أراد وطء الأمة التي وطئها سيدها البارحة ثم اشتراها هو فملكها لغيره ثم وكله في تزويجها منه ، فقالوا : يحل له وطؤها ، وليس بين وطء بائعها ووطئه هو إلا ساعة من نهار .
ونظير هذا في التناقض إباحة nindex.php?page=treesubj&link=10437_10984نكاح المخلوقة من ماء الزاني مع كونها بعضه ، مع تحريم المرضعة من لبن امرأته لكون اللبن ثاب بوطئه فقد صار فيه جزء منه . فيا لله العجب ، كيف انتهض هذا الجزء اليسير سببا للتحريم ثم يباح له وطؤها وهي جزؤه الحقيقي وسلالته ؟ وأين تشنيعكم وإنكاركم nindex.php?page=treesubj&link=19460_19422لاستمناء الرجل بيده عند الحاجة خوفا من العنت ثم تجوزون له وطء بنته المخلوقة من مائه حقيقة .
ونظير هذا لو ادعى على ذمي حقا وأقام به شاهدين عبدين عالمين صالحين مقبولة شهادتهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تقبل شهادتهما عليه ، فإن أقام به شاهدين كافرين حرين قبلت شهادتهما عليه مع كونهما من أكذب الخلق على الله وأنبيائه ودينه . [ ص: 243 ] ونظير هذا لو nindex.php?page=treesubj&link=16295تداعيا حائطا لأحدهما عليه خشبتان ، وللآخر عليه ثلاث خشبات ولا بينة فهو كله لصاحب الخشبات الثلاث ; فلو كان لأحدهما ثلاث خشبات وللآخر مائه خشبة فهو بينهما نصفين .
ونظير هذا لو اغتصب نصراني رجلا على ابنته أو امرأته أو حرمته وزنى بها ثم شدخ رأسها بحجر أو رمى بها من أعلى شاهق حتى ماتت فلا حد عليه ولا قصاص ; فلو قتله المسلم صاحب الحرمة بقصبة محددة قتل به .
ونظير هذا أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=24889_27177أكره على قتل ألف مسلم أو أكثر بسجن شهر وأخذ شيء من ماله فقتلهم فلا قود عليه ولا دية ، حتى إذا nindex.php?page=treesubj&link=24889_11766_7397أكره بالقتل على عتق أمته أو طلاق زوجته لزمه حكم العتق والطلاق ، ولم يكن الإكراه مانعا من نفوذ حكمنا عليه ، مع أن الله سبحانه أباح nindex.php?page=treesubj&link=9943التكلم بكلمة الكفر مع الإكراه ، ولم يبح قتل المسلم بالإكراه أبدا .
ونظير هذا nindex.php?page=treesubj&link=22747إبطال الصلاة بتسبيح من نابه شيء في صلاته ، وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وتصحيح صلاة من nindex.php?page=treesubj&link=1535ركع ثم خر ساجدا من غير أن يقيم صلبه ، وقد أبطلها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30029لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في ركوعه وسجوده } ودعوى أن ذلك مقتضى الأصول .
ونظيره أيضا إبطال الصلاة بالإشارة لرد السلام أو غيره ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته برد السلام ، وأشار الصحابة برءوسهم تارة وبأكفهم تارة ، وتصحيحها مع ترك الطمأنينة وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ونفى الصلاة بدونها ، وأخبر أن صلاة النقر صلاة المنافقين ، وأخبر nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أن من صلى كذلك لقي الله على غير الفطرة التي فطر الله عليها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من لا يتم ركوعه ولا سجوده أسوأ الناس سرقة ، وهذا يدل على أنه أسوأ حالا عند الله من سراق الأموال .
ونظير هذا قولهم : لو أن nindex.php?page=treesubj&link=734رجلا مسلما طاهر البدن عليه جنابة غمس يده في بئر بنية رفع الحدث صارت البئر كلها نجسة ، يحرم شرب مائها والوضوء منه والطبخ به ; فلو اغتسل فيها مائة نصراني قلف عابدو الصليب أو مائه يهودي فماؤها باق على حاله طاهر مطهر يجوز الوضوء منه وشربه والطبخ به .
ونظيره لو nindex.php?page=treesubj&link=25647ماتت فأرة في ماء فصب ذلك الماء في بئر لم ينزح منها إلا عشرون دلوا فقط ، وتطهر بذلك ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25647توضأ رجل مسلم طاهر الأعضاء بماء فسقط ذلك الماء في البئر فلا بد أن تنزح كلها . [ ص: 244 ] ونظير هذا قولهم : لو nindex.php?page=treesubj&link=10371عقد على أمه أو أخته أو بنته ووطئها وهو يعلم أن الله حرم ذلك فلا حد عليه ; لأن صورة العقد شبهة ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=10374رأى امرأة في الظلمة ظنها امرأته فوطئها فعليه الحد ولم يكن ذلك شبهة .
ونظيره قولهم : لو أنه nindex.php?page=treesubj&link=15150_11141رشا شاهدين فشهدا بالزور المحض أن فلانا طلق امرأته ففرق الحاكم بينهما جاز له أن يتزوجها ويطأها حلالا ، بل ويجوز لأحد الشاهدين ذلك ; فلو حكم حاكم بصحة هذا العقد لم يجز نقض حكمه ، ولو حكم حاكم بالشاهد واليمين لنقض حكمه وقد حكم به النبي صلى الله عليه وسلم ، .
ونظير ذلك قولهم : لو nindex.php?page=treesubj&link=25023تزوج امرأة فخرجت مجنونة برصاء من قرنها إلى قدمها مجذومة عمياء مقطوعة الأطراف فلا خيار له ، وكذلك إذا وجدت هي الزوج كذلك فلا خيار لها ، وإن خرج الزوج من خيار عباد الله وأغناهم وأجملهم وأعلمهم وليس له أبوان في الإسلام وللزوجة أبوان في الإسلام فلها الفسخ بذلك .
ونظيره قولهم : يصح nindex.php?page=treesubj&link=11180_10806نكاح الشغار ، ويجب فيه مهر المثل ، وقد صح نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وتحريمه إياه ، ولا يصح nindex.php?page=treesubj&link=25320نكاح من أعتق أمة وجعل عتقها صداقها وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونظيره قولهم : يصح nindex.php?page=treesubj&link=10937نكاح التحليل ، وقد صح لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعله من رواية nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة ، ولا يصح nindex.php?page=treesubj&link=10993نكاح الأمة لمضطر خائف العنت عادم الطول إذا كانت تحته حرة ولو كانت عجوزا شوهاء لا تعفه .
ونظيره قولهم : يجوز nindex.php?page=treesubj&link=24935_24931بيع الكلب ، وقد منع منه النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحريم nindex.php?page=treesubj&link=7517بيع المدبر وقد باعه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونظيره قولهم : للجار أن يمنع جاره أن يغرز خشبة هو محتاج إلى غرزها في حائطه وقد نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن منعه ، وتسليطهم إياه على انتزاع داره كلها منه بالشفعة بعد وقوع الحدود وتصريف الطرق وقد أبطلها النبي صلى الله عليه وسلم .
ونظيره قولهم : لا يحكم بالقسامة لأنها خلاف الأصول ، ثم قالوا : يحلف الذين وجدوا القتيل في محلتهم ودارهم خمسين يمينا ثم يقضى عليهم بالدية ، فيا لله العجب ، كيف كان هذا وفق الأصول وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف الأصول ؟ [ ص: 245 ] ونظيره قولهم : لو nindex.php?page=treesubj&link=12957تزوج امرأة فقالت له امرأة أخرى : أنا أرضعتك وزوجتك ، أو قال له رجل : هذه أختك من الرضاعة ، جاز له تكذيبها ووطء الزوجة ، مع أن هذه هي الواقعة التي { nindex.php?page=hadith&LINKID=2041أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث بفراق امرأته لأجل قول الأمة السوداء أنها أرضعتهما } . ولو nindex.php?page=treesubj&link=16973_16903اشترى طعاما أو ماء فقال له رجل : هذا ذبيحة مجوسي أو نجس لم يسعه أن يتناوله ، مع أن الأصل في الطعام والماء الحل ، والأصل في الأبضاع التحريم ، ثم قالوا : لو قال المخبر : " هذا الطعام والشراب لفلان سرقه أو غصبه منه فلان " وسعه أن يتناوله .
ونظير هذا قولهم : لو nindex.php?page=treesubj&link=11709أسلم وتحته أختان وخيرتاه فطلق إحداهما كانت هي المختارة ، والتي أمسكها هي المفارقة ، قالوا : لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة ، وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تخلصوا من هذا بأنه إن nindex.php?page=treesubj&link=10988_25372عقد على الأختين في عقد واحد فسد نكاحهما واستأنف نكاح من شاء منهما ، وإن تزوج واحدة بعد واحدة فنكاح الأولى هو الصحيح ، ونكاح الثانية فاسد .
ولكن لزمهم نظيره في مسألة nindex.php?page=treesubj&link=10968العبد إذا تزوج بدون إذن سيده كان موقوفا على إجازته ، فلو قال له : " طلقها طلاقا رجعيا " كان ذلك إجازة منه للنكاح ، فلو قال له : " طلقها " ولم يقل : " رجعيا " لم يكن إجازة للنكاح مع أن الطلاق في هذا النكاح لا يكون رجعيا إلا بعد الإجازة وقبل الدخول ، وأما قبل الإجازة والدخول فلا ينقسم إلى بائن ورجعي .