الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المثال التاسع : نبش الأموات مفسدة محرمة ، لما فيه من انتهاك حرمتهم ، لكنه واجب إذا دفنوا بغير غسل أو وجهوا إلى غير القبلة ; لأن مصلحة غسلهم وتوجيههم إلى القبلة أعظم من توقيرهم بترك نبشهم ، فإن جيفوا وسال صديدهم لم ينبشوا لإفراط قبح نبشهم ، ولو ابتلعوا جواهر مغصوبة شقت أجوافهم ، فإن كانت الجواهر لمستقل فالأولى ألا يستخرجها إلى أن تتجرد عظامهم عن لحومهم حفظا لحرمتهم ، وإن كانت لغير مستقل كالمحجور عليه وأموال المصالح والأوقاف العامة استخرجها حفظا على المحجور عليه وصرفا لها في جهات استحقاقها ، وإن دفنوا في أرض مغصوبة جاز نقلهم ، لأن حرمة مال الحي آكد من حرمة الميت ، والأولى بمالك الأرض ألا ينقلهم ، فإن أبى فالأولى أن يتركهم إلى أن تتجرد عظامهم عن لحومهم وتتفرق أوصالهم .

وكذلك شق جوف المرأة على الجنين المرجو حياته ، لأن حفظ حياته أعظم مصلحة من مفسدة انتهاك حرمة أمه ، وإذا اختلط قتلى الكافرين بقتلى المسلمين وجب تغسيل الجميع وتكفينهم وحملهم ، نظرا لإقامة مصلحة ذلك في حق المسلمين ، ولا يصلى على الجميع ، بل ينوى الصلاة على المسلمين خاصة ، فتجهيز المسلمين مصلحة مقصودة ، وتجهيز الكافرين وسيلة إلى تحصيل المصلحة المقصودة للمسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية