الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
287 38 \ 278 - عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=672171كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم. فقال: nindex.php?page=treesubj&link=32098_545_25838_623_624_24778_32553_668_680_32560_32563_1335_248أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم . قلت: هو أكثر من ذلك. قال فاتخذي ثوبا. قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم، قال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله تعالى ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، [ ص: 162 ] وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أعجب الأمرين إلي وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال أيضا: وسألت nindex.php?page=showalam&ids=12070محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. وهكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: رواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل، فقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=98848قالت حمنة هذا أعجب الأمرين إلي لم يجعله قول النبي صلى الله عليه وسلم، [جعله كلام حمنة]. قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: كان عمرو بن ثابت رافضيا. وذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين. هذا آخر كلامه. وعمرو بن ثابت - هذا - هو أبو ثابت، ويعرف بابن أبي المقدام، كوفي، لا يحتج بحديثه.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث مداره على ابن عقيل، وهو عبد الله بن محمد بن عقيل، ثقة صدوق لم يتكلم فيه بجرح أصلا. وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وعبد الله بن الزبير الحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه يحتجون بحديثه، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي يصحح له، وإنما يخشى من حفظه إذا انفرد عن الثقات أو خالفهم، أما إذا لم يخالف الثقات ولم يتفرد بما ينكر عليه فهو حجة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الحديث: هو حديث حسن، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد: هو حديث صحيح.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فإنه أعله بأن قال: لا يصح؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لم يسمعه [ ص: 163 ] من ابن عقيل، ثم ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أنه قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج: حدثت عن ابن عقيل، ولم يسمعه، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن النعمان بن راشد، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: والنعمان يعرف فيه الضعف.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده: لا يصح هذا الحديث من وجه من الوجوه؛ لأنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه.
والجواب عن هذه العلل:
أما قوله: "إن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لم يسمعه من ابن عقيل وأن بينهما النعمان بن راشد" فجوابه: أن النعمان بن راشد ثقة. أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه" nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، واستشهد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وقال: "في حديثه وهم كثير، وهو صدوق". وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، أدخله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "الضعفاء" فسمعت أبي يقول: يحول اسمه منه. فقد عادت علة هذا [ ص: 164 ] الحديث إلى النعمان بن راشد، و[عبد الله بن] محمد بن عقيل، وابن عقيل قد تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي، وإسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد، كانوا يحتجون بحديثه، ودعوى nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده الإجماع على ترك حديثه غلط ظاهر منه.
ونحن نستوفي الكلام على هذا الحديث بعون الله فنقول: قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في "العلل": "اختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل في هذا الحديث، فرواه أبو أيوب الإفريقي عبد الله بن علي، عن nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، قال: ووهم فيه، وخالفه عبيد الله بن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وعمرو بن ثابت، وزهير بن محمد وإبراهيم بن أبي يحيى، فرووه عن ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16691عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في "سننه" عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق، [ ص: 165 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمر بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في "سننه" عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمر بن طلحة، عن أم حبيبة. وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في "جامعه" وقال: "إن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال: عمر بن طلحة، قال: ورواه عبيد الله بن عمرو الرقي وشريك، وذكر أنهما قالا: nindex.php?page=showalam&ids=16691عمران بن طلحة. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق زهير بن محمد، عن ابن عقيل فقال: nindex.php?page=showalam&ids=16691 "عمران بن طلحة"، وقد تقدم في كلام nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال فيه: nindex.php?page=showalam&ids=16691عمران بن طلحة، وهو الصواب، فوقع الغلط من nindex.php?page=showalam&ids=16691عمران بن طلحة إلى عمر بن طلحة.
وتعلق nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في رده بأن قال: رواته شريك، وزهير بن [ ص: 166 ] محمد، وكلاهما ضعيف عن عمرو بن ثابت، وهو ضعيف، قال: وعمر بن طلحة غير مخلوق، لا يعرف لطلحة ابن اسمه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر. قال: والحارث بن أبي أسامة قد ترك حديثه فسقط الخبر جملة.
وهذا تعلق باطل; أما شريك فقد تقدم ذكره، وتوثيق الأئمة له. وأما زهير بن محمد فاحتج به الشيخان وباقي الستة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد فيه أربع روايات: إحداها أنه ثقة.
والثانية مستقيم الحديث.
والثالثة مقارب الحديث.
والرابعة ليس به بأس.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين فيه ثلاث روايات: إحداها صالح لا بأس به. والثانية ثقة. والثالثة ضعيف. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14274عثمان الدارمي ثقة صدوق، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17383يعقوب بن شيبة: صدوق صالح الحديث، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما رواه عنه أهل البصرة فإنه صحيح.
وهذا الحديث قد رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث أبي عامر العقدي nindex.php?page=showalam&ids=14797عبد الملك بن عمرو عنه، وهو بصري، فيكون على قول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري صحيحا.
وأما عمرو بن ثابت فلم ينفرد به عن ابن عقيل، فقد تقدم من رواه [ ص: 167 ] عن ابن عقيل، وأنهم جماعة، فلا يضر متابعة عمرو بن ثابت لهم.
وأما قوله: "عمر بن طلحة غير مخلوق"، فقد ذكرنا أن هذا وهم ممن سماه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وإنما هو nindex.php?page=showalam&ids=16691عمران بن طلحة.
وقوله: "الحارث بن أبي أسامة قد ترك حديثه"، فإنما اعتمد في ذلك على كلام أبي الفتح الأزدي فيه، ولم يلتفت إلى ذلك، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي: هو ثقة، وقال البرقاني: أمرني nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أن أخرج عنه في الصحيح، وصحح له nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، وهو أحد الأئمة الحفاظ.