الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ثم تفكر في ازدحام الخلائق واجتماعهم حتى ازدحم على الموقف أهل السماوات السبع والأرضين السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وسبع وطير فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها وتبدلت عما كانت عليه من خفة أمرها ، ثم أدنيت من رءوس العالمين كقاب قوسين فلم يبق على الأرض ظل إلا ظل عرش رب العالمين .
ولم يمكن من الاستظلال به إلا المقربون فمن بين مستظل بالعرش وبين مضح لحر الشمس قد صهرته بحرها واشتد كربه وغمه من وهجها ثم تدافعت الخلائق ودفع بعضهم بعضا لشدة الزحام واختلاف الأقدام وانضاف إليه شدة الخجلة والحياء من الافتضاح والاختزاء عند العرض على جبار السماء فاجتمع وهج الشمس وحر الأنفاس واحتراق القلوب بنار الحياء والخوف ففاض العرق من أصل كل شعرة حتى سال على صعيد القيامة ثم ارتفع على أبدانهم على قدر منازلهم عند الله فبعضهم بلغ العرق ركبتيه وبعضهم حقويه ، وبعضهم إلى شحمة أذنيه ، وبعضهم كاد يغيب فيه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=656051nindex.php?page=treesubj&link=30349_28766يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين باعا ويلجمهم ويبلغ أذقنهم ، كذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في الصحيح وفي حديث آخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=855840قياما شاخصة أبصارهم أربعين سنة إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب وقال nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=697643تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس ، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبه ، ومنهم من يبلغ نصف ساقه ، ومنهم من يبلغ ركبته ومنهم من يبلغ فخذه ، ومنهم من يبلغ خاصرته ومنهم من يبلغ فاه ، وأشار بيده فألجمها فاه ومنهم من يغطيه العرق ، وضرب بيده على رأسه هكذا فتأمل يا مسكين في nindex.php?page=treesubj&link=30349_30351_28766_30339عرق أهل المحشر وشدة كربهم وفيهم من ينادي فيقول : رب أرحني من هذا الكرب والانتظار ولو إلى النار وكل ذلك ولم يلقوا بعد حسابا ولا عقابا فإنك واحد منهم ولا تدري إلى أين يبلغ بك العرق ؟ واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة في أمر بمعروف ونهي عن منكر فسيخرجه الحياء والخوف في صعيد القيامة ويطول فيه الكرب ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور لعلم أن تعب العرق في تحمل مصاعب الطاعات أهون أمرا وأقصر زمانا من عرق الكرب والانتظار في القيامة فإنه يوم عظيمة شدته طويلة مدته .
وهو محركة: ما سال من بدن الإنسان مما تخرجه فوهات العروق ومسامها. قال ابن فارس: ولم يسمع له جمع .
(ثم تفكر) يا مسكين (في ازدحام الخلائق واجتماعهم حتى ازدحم على الموقف أهل السموات السبع و) أهل (الأرضين السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وسبع وطير) أولهم وآخرهم بحيث لا يشذ منهم أحد (فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها) واشتد وهجها (وتبدلت عما كانت عليه من خفة أمرها، ثم أدنيت من رءوس العالمين كقاب قوسين) كناية عن كمال القرب، يقال: إنها تكون منهم على ميل، كما سيأتي .
وقد روي نحو هذا السياق عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان، رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في المصنف، واللفظ له بسند جيد، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=103546تعطى الشمس يوم القيامة حر عشر سنين، ثم تدنو من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين، فيعرقون حتى يرشح العرق في الأرض قامة، ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل، قال nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان : حتى يقول الرجل: غرغر (فلم يبق على الأرض ظل إلا ظل عرش رب العالمين ولم يمكن من الاستظلال به إلا المقربون) أضاف الظل إلى العرش؛ لأنه محل الكرامة وإلا فالشمس وسائر العالم تحت العرش في القيامة حتى تدنو الشمس من رءوس الخلائق .
روى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان قال بعد أن ساق كل ما ذكر قريبا: ولا يضر حرها مؤمنا ولا مؤمنة، قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : المراد من يكون كامل الإيمان كما يدل عليه حديث المقداد وغيره أنهم يتفاوتون في ذلك بحسب أعمالهم .
(فمن بين مستظل بالعرش) وهم أصناف ذوو خصال متعددة كما وردت به الأخبار، وقد جمعها الحافظ ابن حجر في أماليه، ثم أفردها بكتاب سماه "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال" ثم ألف في ذلك بعده nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي ومجموعها نحو تسعين خصلة (وبين مضح لحر الشمس قد صعرته) أي: أحرقته (بحرها واشتد كربه وغمه من وهجها) محركة هو شدة اللهيب .
(ثم تدافعت الخلائق ودفع بعضها بعضا لشدة الزحام واختلاف الأقدام) حتى إنه ما يملك أحد منهم إلا موضع قدميه كما جاء في الخبر (وانضاف إليه شدة الخجلة والحياء) واحتراق القلوب (من الافتضاح والاختزاء عند العرض على جبار السماء) جل جلاله (فاجتمع وهج الشمس وحر الأنفاس واحتراق القلوب بنار الحياء والخوف ففاض العرق) أي: سال (من أصل كل شعرة حتى سال على صعيد القيامة) وهو موقفهم (ثم ارتفع إلى أبدانهم على قدر منازلهم عند الله فبعضهم بلغ العرق ركبتيه وبعضهم حقويه، وبعضهم إلى شحمة أذنيه، وبعضهم كاد يغيب فيه، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ) -رضي الله عنهما- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يوم يقوم الناس لرب [ ص: 458 ] العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) . قال العراقي : متفق عليه، قلت: رواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17259وهناد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) - رضي الله عنه-: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=656051nindex.php?page=treesubj&link=30349_28766يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين باعا ويلجمهم ويبلغ آذانهم، كذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) كلاهما (في الصحيح) هو كما قال، وفي لفظ: ذراعا، بدل باعا، وفي آخره حتى يبلغ (وفي حديث آخر: nindex.php?page=hadith&LINKID=855840قياما شاخصة أبصارهم أربعين سنة إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب ) .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وفيه أبو طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني . ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : لا أظن أنه كان يتعمد الكذب لكن لعله يشبه عليه. اهـ .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=856051إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم الله والشمس على رءوسهم حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر، ورواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود موقوفا عليه، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحوه. قلت: وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هو الأقرب لسياق المصنف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث ولفظه: nindex.php?page=hadith&LINKID=855840يحشر الناس قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب .
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ) -رضي الله عنه- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=697643تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبه، ومنهم من يبلغ نصف ساقه، ومنهم من يبلغ ركبتيه ومنهم من يبلغ فخذه، ومنهم من يبلغ فاه، وأشار بيده فألجمها فاه ) هو تفسير لما أشار به، يعني أنه جعل يده في فمه كما يجعل اللجام في الفم (ومنهم من يغطيه العرق، وضرب بيده على رأسه هكذا) قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وفيه nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة . اهـ .
قلت: هذا السياق هو nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم، وأما سياق nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد المشار إليه: nindex.php?page=hadith&LINKID=662116فمن الناس من يبلغ عرقه كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ حلقه، ومنهم من يلجمه، ومنهم من يغمره . وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم أيضا من وجه آخر، وقد روي ذلك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة والمقدام بن معدي كرب والمقداد بن الأسود .
أما حديث أبي أمامة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12289وابن منيع nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني : nindex.php?page=hadith&LINKID=702007nindex.php?page=treesubj&link=30297_28766_30362تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا، تغلي منه الهوام كما تغلي القدور على الأثافي، يعرقون منها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق، والهوام جمع هامة، وهي قمة الرأس .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معدي كرب فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير: nindex.php?page=hadith&LINKID=944818تدنو الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من الناس على قدر ميلين، ويزاد في حرها فيضجرهم فيكونوا في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه العرق إلى كعبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما .
وأما حديث المقداد فرواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=890889تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما . وهذا ظاهر في أنهم يستوون في وصول العرق إليهم ويتفاوتون في حصوله منهم، فإن قلت: الشمس محلها السماء، وقد قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104يوم نطوي السماء كطي السجل والألف واللام في السماء للجنس بدليل: nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67والسماوات مطويات بيمينه فما طريق الجمع؟ قلت: يجوز أن تقام بنفسها دانية من الناس في الحشر ليقوى هوله وكربه، وقال ابن أبي هبيرة : ظاهر الحديث يقتضي تعميم الناس بذلك ولكن دلت الأحاديث الأخرى على أنه مخصوص بالبعض وهم الأكثر، ويستثنى الأنبياء والشهداء ومن شاء الله، فأشدهم الكفار ثم أصحاب الكبائر ثم من بعدهم .
(فتأمل يا مسكين في nindex.php?page=treesubj&link=30349_30351_28766_30339عرق أهل المحشر وشدة كربهم وإن فيهم من ينادي ويقول: رب ارحمني من هذا الكرب والانتظار ولو إلى النار) فيود أن يذهب إلى النار ولا يصطلي بنار الانتظار، ومن هنا قولهم: الوقوع في البلاء ولا الانتظار فيه، وقولهم: الانتظار أشد من النار .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=944821أن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة حتى يقول: يا رب ارحمني ولو إلى النار. وهذا صريح في أن ذلك كله في الموقف (وكل ذلك ولم يلقوا بعد [ ص: 459 ] حسابا ولا عقابا) ولم يظهر لهم عاقبة الأمر (فإنك واحد منهم ولا تدري إلى أين يبلغ بك العرق؟) وما أظن إلا أنه يلجمك إلجاما إلا أن يتداركك الله بعفوه .
(واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة في أمر بمعروف ونهي عن منكر فيستخرجه الحياء والخوف) غدا (في صعيد القيامة ويطول فيه الكرب) وتشتد المشقة (ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور لعلم أن تعب العرق في تحمل مصاعب الطاعات أهون أمرا وأقصر زمانا من عرق الكرب والانتظار في القيامة فإنه يوم شديد) كربه (طويلة مدته) وإليه يشير قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=5ليوم عظيم .
* (صفة العرق) *
وهو محركة: ما سال من بدن الإنسان مما تخرجه فوهات العروق ومسامها. قال ابن فارس: ولم يسمع له جمع .
(ثم تفكر) يا مسكين (في ازدحام الخلائق واجتماعهم حتى ازدحم على الموقف أهل السموات السبع و) أهل (الأرضين السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وسبع وطير) أولهم وآخرهم بحيث لا يشذ منهم أحد (فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها) واشتد وهجها (وتبدلت عما كانت عليه من خفة أمرها، ثم أدنيت من رءوس العالمين كقاب قوسين) كناية عن كمال القرب، يقال: إنها تكون منهم على ميل، كما سيأتي .
وقد روي نحو هذا السياق عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان، رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في المصنف، واللفظ له بسند جيد، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=103546تعطى الشمس يوم القيامة حر عشر سنين، ثم تدنو من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين، فيعرقون حتى يرشح العرق في الأرض قامة، ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل، قال nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان : حتى يقول الرجل: غرغر (فلم يبق على الأرض ظل إلا ظل عرش رب العالمين ولم يمكن من الاستظلال به إلا المقربون) أضاف الظل إلى العرش؛ لأنه محل الكرامة وإلا فالشمس وسائر العالم تحت العرش في القيامة حتى تدنو الشمس من رءوس الخلائق .
روى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان قال بعد أن ساق كل ما ذكر قريبا: ولا يضر حرها مؤمنا ولا مؤمنة، قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : المراد من يكون كامل الإيمان كما يدل عليه حديث المقداد وغيره أنهم يتفاوتون في ذلك بحسب أعمالهم .
(فمن بين مستظل بالعرش) وهم أصناف ذوو خصال متعددة كما وردت به الأخبار، وقد جمعها الحافظ ابن حجر في أماليه، ثم أفردها بكتاب سماه "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال" ثم ألف في ذلك بعده nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي ومجموعها نحو تسعين خصلة (وبين مضح لحر الشمس قد صعرته) أي: أحرقته (بحرها واشتد كربه وغمه من وهجها) محركة هو شدة اللهيب .
(ثم تدافعت الخلائق ودفع بعضها بعضا لشدة الزحام واختلاف الأقدام) حتى إنه ما يملك أحد منهم إلا موضع قدميه كما جاء في الخبر (وانضاف إليه شدة الخجلة والحياء) واحتراق القلوب (من الافتضاح والاختزاء عند العرض على جبار السماء) جل جلاله (فاجتمع وهج الشمس وحر الأنفاس واحتراق القلوب بنار الحياء والخوف ففاض العرق) أي: سال (من أصل كل شعرة حتى سال على صعيد القيامة) وهو موقفهم (ثم ارتفع إلى أبدانهم على قدر منازلهم عند الله فبعضهم بلغ العرق ركبتيه وبعضهم حقويه، وبعضهم إلى شحمة أذنيه، وبعضهم كاد يغيب فيه، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ) -رضي الله عنهما- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يوم يقوم الناس لرب [ ص: 458 ] العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) . قال العراقي : متفق عليه، قلت: رواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17259وهناد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) - رضي الله عنه-: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=656051nindex.php?page=treesubj&link=30349_28766يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين باعا ويلجمهم ويبلغ آذانهم، كذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) كلاهما (في الصحيح) هو كما قال، وفي لفظ: ذراعا، بدل باعا، وفي آخره حتى يبلغ (وفي حديث آخر: nindex.php?page=hadith&LINKID=855840قياما شاخصة أبصارهم أربعين سنة إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب ) .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وفيه أبو طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني . ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : لا أظن أنه كان يتعمد الكذب لكن لعله يشبه عليه. اهـ .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=856051إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم الله والشمس على رءوسهم حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر، ورواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود موقوفا عليه، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحوه. قلت: وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هو الأقرب لسياق المصنف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث ولفظه: nindex.php?page=hadith&LINKID=855840يحشر الناس قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب .
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ) -رضي الله عنه- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=697643تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبه، ومنهم من يبلغ نصف ساقه، ومنهم من يبلغ ركبتيه ومنهم من يبلغ فخذه، ومنهم من يبلغ فاه، وأشار بيده فألجمها فاه ) هو تفسير لما أشار به، يعني أنه جعل يده في فمه كما يجعل اللجام في الفم (ومنهم من يغطيه العرق، وضرب بيده على رأسه هكذا) قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وفيه nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة . اهـ .
قلت: هذا السياق هو nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم، وأما سياق nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد المشار إليه: nindex.php?page=hadith&LINKID=662116فمن الناس من يبلغ عرقه كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ حلقه، ومنهم من يلجمه، ومنهم من يغمره . وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم أيضا من وجه آخر، وقد روي ذلك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة والمقدام بن معدي كرب والمقداد بن الأسود .
أما حديث أبي أمامة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12289وابن منيع nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني : nindex.php?page=hadith&LINKID=702007nindex.php?page=treesubj&link=30297_28766_30362تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا، تغلي منه الهوام كما تغلي القدور على الأثافي، يعرقون منها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق، والهوام جمع هامة، وهي قمة الرأس .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معدي كرب فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير: nindex.php?page=hadith&LINKID=944818تدنو الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من الناس على قدر ميلين، ويزاد في حرها فيضجرهم فيكونوا في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه العرق إلى كعبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما .
وأما حديث المقداد فرواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=890889تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما . وهذا ظاهر في أنهم يستوون في وصول العرق إليهم ويتفاوتون في حصوله منهم، فإن قلت: الشمس محلها السماء، وقد قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104يوم نطوي السماء كطي السجل والألف واللام في السماء للجنس بدليل: nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67والسماوات مطويات بيمينه فما طريق الجمع؟ قلت: يجوز أن تقام بنفسها دانية من الناس في الحشر ليقوى هوله وكربه، وقال ابن أبي هبيرة : ظاهر الحديث يقتضي تعميم الناس بذلك ولكن دلت الأحاديث الأخرى على أنه مخصوص بالبعض وهم الأكثر، ويستثنى الأنبياء والشهداء ومن شاء الله، فأشدهم الكفار ثم أصحاب الكبائر ثم من بعدهم .
(فتأمل يا مسكين في nindex.php?page=treesubj&link=30349_30351_28766_30339عرق أهل المحشر وشدة كربهم وإن فيهم من ينادي ويقول: رب ارحمني من هذا الكرب والانتظار ولو إلى النار) فيود أن يذهب إلى النار ولا يصطلي بنار الانتظار، ومن هنا قولهم: الوقوع في البلاء ولا الانتظار فيه، وقولهم: الانتظار أشد من النار .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=944821أن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة حتى يقول: يا رب ارحمني ولو إلى النار. وهذا صريح في أن ذلك كله في الموقف (وكل ذلك ولم يلقوا بعد [ ص: 459 ] حسابا ولا عقابا) ولم يظهر لهم عاقبة الأمر (فإنك واحد منهم ولا تدري إلى أين يبلغ بك العرق؟) وما أظن إلا أنه يلجمك إلجاما إلا أن يتداركك الله بعفوه .
(واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة في أمر بمعروف ونهي عن منكر فيستخرجه الحياء والخوف) غدا (في صعيد القيامة ويطول فيه الكرب) وتشتد المشقة (ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور لعلم أن تعب العرق في تحمل مصاعب الطاعات أهون أمرا وأقصر زمانا من عرق الكرب والانتظار في القيامة فإنه يوم شديد) كربه (طويلة مدته) وإليه يشير قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=5ليوم عظيم .