الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    ومن ذلك : أن مالكا وأصحابه منعوا سماع الدعوى التي لا تشبه الصدق ، ولم يحلفوا لها المدعى عليه ، نظرا إلى الأمارات والقرائن الظاهرة .

                    ومن ذلك : أن أصحابنا وغيرهم من الفقهاء ، جوزوا للرجل أن يلاعن امرأته ، فيشهد عليها بالزنا مؤكدا لشهادته باليمين ، إذا رأى رجلا يعرف بالفجور يدخل إليها ويخرج من عندها ، نظرا إلى الأمارات والقرائن الظاهرة .

                    ومن ذلك : أن جمهور الفقهاء يقولون في تداعي الزوجين ، والصانعين لمتاع البيت والدكان : أن القول قول من يدل الحال على صدقه ، والصحيح في هذه المسألة : أنه لا عبرة باليد الحسية ، بل وجودها كعدمها .

                    ولو اعتبرناها لاعتبرنا يد الخاطف لعمامة غيره وعلى رأسه عمامة وآخر خلفه حاسر الرأس ونحن نقطع بأن هذه يد ظالمة عادية ، فلا اعتبار لها ، ومن ذلك : أن مالكا رحمه الله يجعل القول قول المرتهن في قدر الدين ، ما لم يزد على قيمة الرهن .

                    وقوله هو الراجح في الدليل ; لأن الله سبحانه جعل الرهن بدلا من الكتاب والشهود ، فكأنه ناطق بقدر الحق ، وإلا فلو كان القول قول الراهن لم يكن الرهن وثيقة ، ولا جعل بدلا من الكتاب والشاهد ، فدلالة الحال تدل على أنه إنما رهنه على قيمته أو ما يقاربها ، وشاهد الحال يكذب الراهن إذا قال : رهنت عنده هذه الدار على درهم ونحوه ، فلا يسمع قوله .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية