الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1367 حدثنا القعنبي عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليلاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي قال عبد الله فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي فأخذ بأذني يفتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين قال القعنبي ست مرات ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فاضطجعت في عرض الوسادة ) : عرض بفتح العين ، هكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين قال ورواه الداودي بالضم وهو الجانب والصحيح الفتح ، والمراد بالوسادة الوسادة المعروفة التي تكون تحت الرؤوس . وقال الباجي والأصيلي وغيرهما : إن الوسادة هنا الفراش لقوله اضطجع في طولها وهذا ضعيف ، وفيه دليل على جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها وإن كان مميزا .

                                                                      وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث ، قال ابن عباس : " بت عند خالتي في ليلة كانت فيها حائضا " وهذه الكلمة وإن لم تصح طريقا فهي حسنة المعنى جدا إذا لم يكن ابن عباس يطلب المبيت في ليلة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها حاجة إلى أهله ولا يرسله أبوه إلا إذا علم عدم حاجته إلى أهله ; لأنه معلوم أنه لا يفعل حاجته مع حضرة ابن عباس معهما في الوسادة مع أنه كان مراقبا لأفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أنه لم ينم أو نام قليلا جدا .

                                                                      قاله النووي ( فجلس يمسح النوم عن وجهه ) : معناه أثر النوم ، وفيه استحباب هذا واستعمال المجاز ( ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ) : فيه جواز القراءة للمحدث وهذا إجماع المسلمين ، وإنما تحرم القراءة على الجنب والحائض ، وفيه استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم ، وفيه جواز قول سورة آل عمران وسورة البقرة وسورة النساء ونحوها وكرهه بعض المتقدمين وليس بشيء ( إلى شن معلقة ) : إنما أنثها على إرادة القربة ، وفي [ ص: 177 ] رواية أخرى شن معلق على إرادة السقاء والوعاء ( فأخذ بأذني يفتلها ) : إنما فتلها تنبيها من النعاس لقوله في الرواية لمسلم : " فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني " ( فصلى ركعتين ثم ركعتين ) إلخ : فيه أن الأفضل في الوتر وغيره من الصلاة أن يسلم من كل ركعتين وأن الوتر يكون آخره ركعة مفصولة وهذا مذهب الشافعي وأكثر الأئمة .

                                                                      وقال أبو حنيفة ركعة موصولة بركعتين كالمغرب ، وفيه جواز إتيان المؤذن إلى الإمام ليخرج إلى الصلاة ، وتخفيف سنة الصبح ، وأن الإيتار بثلاث عشرة ركعة أكمل ، وفيه خلاف للشافعية . قال بعضهم : أكثر الوتر ثلاث عشرة لظاهر هذا الحديث ، وقال أكثرهم أكثره إحدى عشرة وتأولوا حديث ابن عباس أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى منها ركعتين سنة العشاء وهو تأويل ضعيف مباعد للحديث قاله النووي في شرح مسلم والحديث أخرجه البخاري ومسلم .

                                                                      314 - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة



                                                                      الخدمات العلمية