الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1552 حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا مكي بن إبراهيم حدثني عبد الله بن سعيد عن صيفي مولى أفلح مولى أبي أيوب عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو اللهم إني أعوذ بك من الهدم وأعوذ بك من التردي وأعوذ بك من الغرق والحرق والهرم وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا وأعوذ بك أن أموت لديغا حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى عن عبد الله بن سعيد حدثني مولى لأبي أيوب عن أبي اليسر زاد فيه والغم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( صيفي ) : بن زياد هو مولى أفلح وأفلح هو مخضرم مولى أبي أيوب ( عن أبي اليسر ) : بفتح التحتية والسين المهملة ( من الهدم ) : بسكون الدال وهو سقوط البناء ووقوعه على الشيء . وروي بالفتح وهو اسم ما انهدم منه ذكره الطيبي ( من التردي ) : أي السقوط من مكان عال كالجبل والسطح ، أو الوقوع في مكان سافل كالبئر ( من الغرق ) : بفتحتين مصدر غرق في الماء ( والحرق ) : بالتحريك أيضا أي بالنار ، وإنما استعاذ من الهلاك بهذه الأسباب مع ما فيه من نيل الشهادة لأنها محن مجهدة مقلقة لا يكاد الإنسان يصبر عليها ويثبت عندها ( والهرم ) : أي سوء الكبر المعبر عنه بالخرف وأرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا ( أن يتخبطني الشيطان ) : أي إبليس أو أحد أعوانه . قيل التخبط الإفساد والمراد إفساد العقل والدين ، وتخصيصه بقوله ( عند الموت ) : لأن المدار على الخاتمة .

                                                                      وقال القاضي : أي من أن يمسني الشيطان بنزغاته التي تزل الأقدام وتصارع العقول والأوهام .

                                                                      وأصل التخبط أن يضرب البعير الشيء بخف يده فيسقط . قال الخطابي : استعاذته من تخبط الشيطان عند الموت هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقته الدنيا فيضله ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله أو يؤيسه من رحمة الله تعالى أو يكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء والنقلة إلى دار الآخرة فيختم له بسوء ويلقى الله وهو ساخط عليه .

                                                                      وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت يقول لأعوانه دونكم هذا فإنه إن فاتكم اليوم لم تلحقوه بعد اليوم . نعوذ بالله من شره ونسأله أن يبارك لنا في ذلك المصرع وأن يختم لنا ولكافة المسلمين وأن يجعل خير أيامنا [ ص: 302 ] يوم لقائه انتهى .

                                                                      ( أن أموت في سبيلك مدبرا ) : أي مرتدا أو مدبرا عن ذكرك ومقبلا على غيرك . وقال الطيبي : أي فارا ، وتبعه ابن حجر المكي وقال إدبارا محرما أو مطلقا . قيل إن ذلك من باب تعليم الأمة وإلا فرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يجوز عليه التخبط والفرار من الزحف وغير ذلك من الأمراض المزمنة ( أن أموت لديغا ) : فعيل بمعنى مفعول من اللدغ وهو يستعمل في ذوات السم من العقرب والحية ونحوهما . وقيد بالموت من اللدغ فلا ينافيه ما رواه الطبراني في الصغير عن علي : " أنه لدغت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال : لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره ، ثم دعا بماء وملح فجعل يمسح عليها أي على موضع لدغها ويقرأ قل يا أيها الكافرون ، و قل أعوذ برب الفلق ، و قل أعوذ برب الناس قال المنذري : وأخرجه النسائي . وأبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري السلمي له صحبة وهو بفتح الياء آخر الحروف وبعدها سين مهملة مفتوحة وراء مهملة . ( مولى لأبي أيوب ) : هو صيفي مولى أفلح وإسناد مولى إلى أبي أيوب على سبيل المجاز لأن الصيفي مولى أفلح لا مولى أبي أيوب ، وإنما مولى أبي أيوب هو أفلح كما في كتب الرجال ، لكن هذا يخالف ما في رواية النسائي فإنه روي من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن جعفر كلاهما عن عبد الله بن سعيد بلفظ عن صيفي مولى أبي أيوب كذا في غاية المقصود .




                                                                      الخدمات العلمية