الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيهات :

الأول : قيل السر في إنزاله جملة إلى السماء : تفخيم أمره وأمر من نزل عليه ، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع : أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم ، قد قربناه إليهم لننزله عليهم ، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة ، كسائر الكتب المنزلة قبله ، ولكن الله باين بينه وبينها ، فجعل له الأمرين : إنزاله جملة ، ثم إنزاله مفرقا ; تشريفا للمنزل عليه . ذكر ذلك أبو شامة في " المرشد الوجيز " .

وقال الحكيم الترمذي : أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ، تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ ببعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - كانت رحمة ، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن ، فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا ، ووضعت النبوة في قلب محمد ، وجاء جبريل بالرسالة ثم الوحي ، كأنه أراد - تعالى - أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله إلى الأمة .

وقال السخاوي في " جمال القراء " : في نزوله إلى السماء جملة ، تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة ، وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم ; ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام ، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له .

قال : وفيه - أيضا - التسوية بين نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبين موسى - عليه السلام - في إنزاله كتابه جملة ، والتفضيل لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه .

[ ص: 160 ] قال أبو شامة : فإن قلت : فقوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر من جملة القرآن الذي نزل جملة أم لا ؟ فإن لم يكن منه ، فما نزل جملة وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة ؟ .

قلت : له وجهان :

أحدهما : أن يكون معنى الكلام إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر ، وقضيناه وقدرناه في الأزل . والثاني : أن لفظه لفظ الماضي ومعناه الاستقبال ، أي : ينزله جملة في ليلة القدر . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية