الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ومعها مولاتان لها ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه وجعل مكانه لبدا أو فروة وخاط عليه فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها واتهمتا العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا

                                                                                                          وقال مالك أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم وإن ارتفع الصرف أو اتضع وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1576 1517 - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ) بمهملة وزاي نسبه لجده ( عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت : خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ) في نسك ( ومعها مولاتان لها ومعها غلام ) لم أقف على اسم أحد من الثلاثة ( لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق ) رضي الله عنهما ( فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل ) بالجيم والحاء أي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي ، ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تم تصويره وكان له ظل دائم ، وهذا مجرد وشي في البرد لا ظل له وليس بتام ( قد [ ص: 248 ] خيط عليه خرقة خضراء قالت : فأخذ الغلام البرد ففتق عنه ) نقض خياطته ( فاستخرجه وجعل مكانه لبدا ) بكسر فسكون ما يتلبد من شعر أو صوف ( أو فروة ) بالهاء ويقال أيضا بحذفها ما يلبس من جلد الغنم ونحوها شك الراوي ( وخاط عليه فلما قدمتا ) بالألف على لغة ( المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين ) أي المولاتين ( فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها ) شك الراوي ( واتهمتا ) أي المرأتان ( العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف ) بأنه سرقه ( فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده ، وقالت عائشة : القطع في ربع دينار فصاعدا ) من الذهب ( قال مالك : أحب ما يجب فيه القطع ) للسارق ( إلي ) أي عندي ( ثلاثة دراهم ) من الفضة ( وإن ارتفع ) زاد ( الصرف أو اتضع ) نقص ( وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في ) سرقة ( مجن ) حجفة أي ترس كما في حديث عائشة عند الشيخين ( ثمنه ثلاثة دراهم ) أي قيمته .

                                                                                                          ( وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة ) الفاكهة المأكولة ( قومت بثلاثة دراهم ) فضة وكان الأترج في ذلك الزمان غاليا ( وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك ) يقتضي أنه سمع غيره .

                                                                                                          وقد اختلف في قدر ما يقطع فيه السارق فقيل فيما كثر وقل تافها أو غيره ، وقيل إلا في التافه ، وقيل أربعون درهما أو أربعة دنانير ، وقيل درهمان ، وقيل ما زاد عليهما ولم يبلغ ثلاثة ، وقيل ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها ، وقيل إن كان المسروق ذهبا فربع دينار ، وإن كان غيره وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه ورواية عن أحمد ، والمشهور عنه إذا كان المسروق غير الذهب والفضة ، فالقطع إذا بلغت قيمته أحدهما ، وقيل ربع دينار أو ما بلغ قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي ، وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو مذهب الحنفية وقيل غير ذلك .




                                                                                                          الخدمات العلمية