الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبدا آبقا قد سرق قال فأشكل علي أمره قال فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ قال فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده قال فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي يقول كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا فاقطع يده

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1578 1519 - ( مالك عن رزيق ) بالتصغير وتقديم الراء على الزاي وعكسه ( ابن حكيم ) مصغر وقيل مكبر ( أنه أخبره أنه أخذ عبدا آبقا قد سرق قال : فأشكل علي أمره ، قال : فكتبت فيه إلى عمربن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ ) على الناس ( و ) كتبت إليه ( أخبره أني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده ) وكأن [ ص: 250 ] شبهة قائل ذلك أن الآبق يجوع غالبا ولا قطع على سارق زمن المجاعة .

                                                                                                          ( قال : فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي ) أي إبطاله ، يقال : تناقض الكلامان تدافعا كان كل واحد نقض الآخر ، وفي كلامه تناقض إذا كان بعضه يقتضي إبطال بعض ( يقول : كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده ) فكيف تعتمد على سماع مخالف للنص ( وأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : والسارق والسارقة ) ارتفعا بالابتداء والخبر محذوف أي فيما يتلى عليكم السارق والسارقة أو الخبر ( فاقطعوا أيديهما ) أي يديهما .

                                                                                                          وفي قراءة عبد الله : والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما ، رواه الترمذي .

                                                                                                          ودخلت الفاء في الخبر لتضمنهما معنى الشرط إذ المعنى : والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما ، والاسم الموصول مضمن معنى الشرط ، وبدأ بالرجل لأن السرقة من الجراءة وهي في الرجال أكثر ، وقدمت الزانية على الزاني لأن داعية الزنى في الإناث أكثر ولأن الأنثى سبب في وقوع الزنى ; لأنه لا يتأتى غالبا إلا بطوعها ، وأتى بصيغة الجمع ثم التثنية إشارة إلى أن المراد جنس السارق فلوحظ فيه المعنى فجمع والتثنية بالنظر إلى الجنسين المتلفظ بهما ( جزاء ) نصب على المصدر ( بما كسبا نكالا ) عقوبة لهما ( من الله والله عزيز ) غالب على أمره ( حكيم ) في خلقه ( فإن بلغت سرقته ) أي الآبق ( ربع دينار فصاعدا ) نصب على الحال المؤكدة ( فاقطع يده ) قال القرطبي المفسر : أول من حكم بقطع السارق في الجاهلية الوليد بن المغيرة وأمر الله تعالى بقطعه في الإسلام فكان أول سارق قطعه صلى الله عليه وسلم من الرجال الجبار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، ومن النساء فاطمة المخزومية .




                                                                                                          الخدمات العلمية