الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1393 [ ص: 96 ] ( 46 ) باب جامع البيوع 1355 - مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ; nindex.php?page=hadith&LINKID=955158أن رجلا ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 98 ] " إذا بايعت فقل لا خلابة " قال : فكان الرجل إذا بايع يقول : لا خلابة .
30614 - قال أبو عمر : يقال : إن الرجل المذكور في هذا الحديث هو منقذ بن عمرو الأنصاري المازني جد واسع بن حبان ، وذلك محفوظ في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع nindex.php?page=hadith&LINKID=955159عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن منقذا سفع في رأسه مأمومة في الجاهلية فخبلت لسانه ، فكان يخدع في البيع ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بع ، وقل لا خلابة ، وأنت بالخيار ثلاثا من بيعك " .
30615 - قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فسمعته يقول إذا بايع : لا خلابة لا خلابة .
30616 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في حديث منقذ هذا إسناد آخر رواه nindex.php?page=hadith&LINKID=955160عن nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان أن جده منقذا كان قد أتى عليه مائة وثلاثون سنة ، فكان إذا باع غبن ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " nindex.php?page=treesubj&link=23112إذا بعت فقل : لا خلابة ، فأنت بالخيار " .
[ ص: 99 ] 30617 - وقد ذكرنا في التمهيد الإسنادين عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في هذا الحديث .
30618 - وقد قيل : إن حبان بن منقذ هو الذي كان يخدع في البيوع ، وفيه جاء الحديث ، والأول أصح ، وأثبت فيه أنه منقذ أبوه إن شاء الله تعالى .
30619 - واختلف العلماء في معنى هذا الحديث :
30620 - فقال منهم قائلون : هو خصوص في ذلك الرجل وحده ، وجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيار في البيوع ثلاثة أيام في كل سلعة اشتراها ، شرط الخيار أو لم يشترطه ; لما كان فيه من الحرص على الشراء والبيع مع ضعف كان فيه ، يقولون في عقله ولسانه وكان يخدع كثيرا ، فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيار ثلاثا فيما باع ، أو ابتاع ، فإن رأى أنه خدع كان له الرد ، وإن لم يجد عيبا إلا الغبن وحده خصه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك .
30621 - وقيل : إنما جعل له أن يشترط لنفسه الخيار ثلاثا مع قوله : لا خلابة ، لا خلابة ، كأنه يقول لمن بايعه : إذا بان لي في الثلاثة الأيام أني خدعت فلي الرد إن شئت ، أو الإمساك . وإن لم أجد عيبا كسائر مشترطي الخيار .
30622 - وعلى هذا القول يكون هذا الحديث مستعملا ، معناه في كل nindex.php?page=treesubj&link=23111من [ ص: 100 ] اشترى وباع إذا اشترط الخيار ثلاثا ، وظهر إليه فيها أنه غبن ، وخدع .
30623 - وقد مضى ما للعلماء في اشتراط الخيار ومدته فيما مضى من كتابنا ، فلا وجه لإعادته .
30624 - واتفق أهل العلم - فيما علمت - أن nindex.php?page=treesubj&link=23118الوكيل ، والمأمون ببيع شيء ، أو شرائه إذا باع ، أو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله أن فعله ذلك باطل مردود .
30625 - وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=23117فعل الوصي في مال يتيمه إذا فعل في البيع له ، أو الشراء ما لا يتغابن الناس بمثله ; لأن ذلك إفساد لمال غيره واستهلاك ، كما لو وهب مال غيره ، أو تصدق به بغير إذنه .
30626 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=13658أبو بكر الأبهري ، وأصحابه يذهبون إلى أن ما لا يتغابن الناس بمثله هو الثلث ، فما فوقه من ثمن السلعة ، أو قيمتها ، وما كان دون ذلك لم يرد فيه البيع إذ لم يقصد إليه ، ويمضي فيه اجتهاد الوصي ، والوكيل ، ومن جرى مجراهما .
30627 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=23108من لم يشترط في بيعه ، وشرائه أنه إن غبن غبنا بينا فيما باع ، أو ابتاع ، فهو بالخيار ثلاثا ، وهو مالك لنفسه ، جائز الأمر في ماله ، فقال ابن القاسم عن مالك ، قال مالك : ولو باع رجل من غير أهل السفه جارية بخمسين دينارا قيمتها ألف دينار ، أو باعها بألف دينار ، وقيمتها خمسون دينارا جاز ذلك له .
[ ص: 101 ] 30628 - قال أبو عمر : لا أعلم خلافا في بيع المالك لنفسه الجائز الأمر في ماله ما لم يكن مستسئلا مستنصحا للذي عامله أنه حلال له أن يبيع بيعا بأكثر ما يساوي ضعافا إذا لم يدلس له بعيب ، إلا أن يبيع منه أو يشتري عينا من السلع ، قد جهلها مبتاعها ، أو باعها منه على أنها غير تلك العين ، كرجل باع قصديرا ، أو اشتراه على أنه فضة ، أو رخاما ، أو نحوه على أنه ياقوت ، أو ما أشبهه من نحو ذلك ، فإن هذا لا يحل .
30629 - ولا يجوز عند أهل العلم وللمشتري ذلك رده ، ولبائعه الرجوع فيه إذا باع لؤلؤا على أنه عظم ، أو فضة على أنه قصدير ، أو نحو ذلك .
30630 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=23113أثمان السلع في الرخص ، والغلاء ، وارتفاع الأسعار ، وانخفاضها ، فجائز التغابن في ذلك كله إذا كان كل واحد من المتبايعين مالكا لأمره ، وكان ذلك عن تراض منهما .
[ ص: 102 ] 30633 - ودليل ذلك من السنة نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن يبيع حاضر لباد ، وقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=955145 " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " .
30634 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الفرس الذي جعله في سبيل الله ، ثم وجده يباع في السوق ، nindex.php?page=hadith&LINKID=955161 " لا يشتره ، وإن أعطاكه بدرهم " .
30635 - وقال في الأمة إذا زنت في الثالثة أو الرابعة : " بيعوها ، ولو بضفير " - يعني - حبل الشعر .
30636 - ولا خلاف عن مالك ، وأصحابه أن المقاسمة إذا وقعت على المرضاة بغير تقويم ، فلا خيار في الغبن لها كثر ، أو قل ، وكذلك المعاوضة والبيع ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=4539الغبن والخلابة ، فحرام ، وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=4539خديعة المستسئل المستنصح حرام ، وهو في معنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في قصة منقذ .
30637 - وقوله : " لا خلابة " كأن يقول : انصح لي ، ولا تخدعني ، فإن فعلت ، فأنا بالخيار إذا بان ذلك لي .
30638 - وقد احتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا من لم ير nindex.php?page=treesubj&link=14821الحجر على السفيه المتلف لماله .
30639 - وسيأتي القول في ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله - عز [ ص: 103 ] وجل - .
30640 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=955162أن رجلا كان في عقدته ضعف ، وكان يبايع ، وأن أهله أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : يا رسول الله : احجر عليه ، فدعاه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فنهاه ، فقال : يا رسول الله ! إني لا أصبر على البيع ؟ فقال : إذا بايعت ، فقل : لا خلابة " .