الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 263 ] 1385 - قال مالك : إنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن الشفعة ، هل فيها من سنة ؟ فقال : نعم . الشفعة في الدور والأرضين . ولا تكون إلا بين الشركاء .

                                                                                                                        1386 - مالك : أنه بلغه ، عن سليمان بن يسار ، مثل ذلك .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31285 - وهذا قول مالك ، والشافعي ، وأصحابه ، وجمهور فقهاء أهل الحجاز أنه لا شفعة إلا في المشاع مما تصلح فيه الحدود عند القسمة بين الشركاء .

                                                                                                                        31286 - قال أبو عمر : أجمع العلماء على أن الشفعة في الدور ، والأرضين ، والحوانيت ، والرباع كلها بين الشركاء في المشاع من ذلك كله ، وأنها سنة مجتمع عليها يجب التسليم لها ، ولم يجمعوا أنها لا تكون إلا بين الشركاء ; لأن منهم من أوجبها للجار الملاصق ، وهم أكثر أهل العراق ، ومنها من أوجبها إذا كانت الطريق واحدة ، ومنهم من أوجبها في كل شيء مشاع بين الشركاء من جميع الأشياء من الحيوان ، والعروض ، والأصول كلها ، وغيرها ، وهو قول شاذ ، قاله بعض أهل مكة ، وروى فيه حديثا منقطعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأما السنة المجتمع عليها ، فعلى ما قال سعيد بن المسيب ، وعلى ما حكاه مالك أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم - يعني في المدينة - وفيه من الأخبار المنقولة بنقل العدول الآحاد حديث ابن شهاب المذكور في هذا الباب ، وقد أسنده معمر وجوده .

                                                                                                                        [ ص: 264 ] 31287 - ذكر عبد الرزاق ، وغيره ، عن معمر أنه أخبرهم عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : " إنما جعل رسول الله النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق ، فلا شفعة " .

                                                                                                                        31288 - وكان أحمد بن حنبل يقول : حديث معمر ، عن ابن شهاب في الشفعة ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصح ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        31289 - وقال يحيى بن معين : مرسل مالك أحب إلي .

                                                                                                                        31290 - ذكره أبو زرعة الدمشقي عنهما .

                                                                                                                        31291 - وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : أهل المدينة لا يرون الشفعة إلا للشريك على حديث الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر : [ ص: 265 ] إذا وقعت الحدود ، فلا شفعة ، قال : ورواه مالك ، عن الزهري ، عن سعيد ، وأبي سلمة مرسلا ، وبه أقول : لا أرى الشفعة لغير الشريك ، لا أراها للجار .

                                                                                                                        31292 - قال أبو عمر : في حديث ابن شهاب ما ينفي الشفعة بالجوار فإذا لم تجب الشفعة للشريك إذا قسم وضرب الحدود ، كان الجار الملاصق لم يقسم ولا ضرب الحدود أبعد من أن يجب ذلك له .

                                                                                                                        31293 - في حديث ابن شهاب ما ينفي الشفعة في كل ما لا يقسم ، ولا يحتمل قسمة ، ولا يصلح أن يصرف فيه الحدود ، وذلك ينفي الشفعة في الحيوان والعروض كلها ; لأنها ليست لموضع الحدود .

                                                                                                                        31294 - وأما قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، والثوري في هذا الباب فقالوا : لا شفعة فيما سوى الدور ، والأرضين ، والشفعة في ذلك مقسوما كان أو مشاعا ، وأوجبوا الشفعة للجار بحديث أبي رافع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الجار أحق بسقبه " .

                                                                                                                        31295 - وهو حديث يرويه جماعة من أهل الحديث ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبي رافع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        [ ص: 266 ] 31296 - وحديث ابن شهاب يعارضه ، وهو أصح إسنادا .

                                                                                                                        31297 - والشفعة عند الكوفيين مرتبة ، وأولى الناس بالشفعة عندهم الذي لم يقاسم ، ثم الشريك المقاسم ، إذا بقيت له في الطريق شركة ، ثم الجار الملاصق .

                                                                                                                        31298 - وإنما تجب عندهم الشفعة في الطريق إذا لم يكن الشريك في المشاع .

                                                                                                                        31299 - وكذلك لا يجب للجار الذي لا شركة له في الطريق إلا عند عدم من ذكرنا ، أو عدم إرادته الأخذ بها .

                                                                                                                        31300 - وحجتهم في اعتبار الشركة في الطريق حديث عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الجار أحق بشفعته ينتظر بها إذا كان غائبا إذا كانت طريقهما واحدا " .

                                                                                                                        31301 - وهذا حديث انفرد به عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، وهو ثقة ، وأنكره عليه شعبة وقال : لو جاء عبد الملك بحديث آخر مثل هذا لأسقطت حديثه ، وما حدثت عنه بشيء .

                                                                                                                        [ ص: 267 ] 31302 - وقال سفيان الثوري ، عبد الملك بن أبي سليمان أعدل من الميزان . .

                                                                                                                        31303 - قال أبو عمر : قد روي مثل قول الكوفيين ، عن طائفة من التابعين ، وروي مثل قول الحجازيين ، عن عمر ، وعثمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم ، وهو أصح ما قيل في ذلك من جهة الأثر ، ومن جهة النظر أيضا ; لأن المشتري لا يجب أن يخرج ماله ، عن يده بغير طيب نفس منه إلا بيقين يجب التسليم له .

                                                                                                                        [ ص: 268 ] 31304 - وروى ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص أن عمر كتب إلى شريح أن اقض بالشفعة للجار ، فكان يقضي بها .

                                                                                                                        31305 - وسفيان ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز : إذا حدت الحدود فلا شفعة ، قال إبراهيم : فذكرت ذلك لطاوس فقال : لا . الجار أحق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية