الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 698 ] 418

ثم دخلت سنة ثماني عشرة وأربعمائة

ذكر الحرب بين علاء الدولة وإصبهبذ ومن معه وما تبع ذلك من الفتن

في هذه السنة ، في ربيع الأول ، كانت حرب شديدة بين علاء الدولة بن كاكويه وبين الإصبهبذ ومن معه .

وكان سببها ما ذكرناه من خروج علي بن عمران عن طاعة علاء الدولة . فلما فارقه اشتد خوفه من علاء الدولة ، فكاتب إصبهبذ صاحب طبرستان . وكان مقيما بالري مع ولكين بن وندرين ، وحثه على قصد بلاد الجبل ، وكاتب أيضا منوجهر بن قابوس بن وشمكير ، واستمده ، وأوهم الجميع أن البلاد في يده لا دافع له عنها .

وكان إصبهبذ معاديا لعلاء الدولة ، فسار هو وولكين إلى همذان ، فملكاها وملكا أعمال الجبل ، وأجليا عنها عمال علاء الدولة ، وأتاهم عسكر منوجهر وعلي بن عمران ، فازدادوا قوة ، وساروا كلهم إلى أصبهان ، فتحصن علاء الدولة بها ، وأخرج الأموال فحصروه ، وجرى بينهم قتال استظهر فيه علاء الدولة ، وقصده كثير من ذلك العسكر ، وهو يبذل لمن يجيء إليه المال الجزيل ويحسن إليهم ، فأقاموا أربعة أيام ، وضاقت عليهم الميرة ، فعادوا عنها .

وتبعهم علاء الدولة ، واستمال الجوزقان ، فمال إليه بعضهم ، وتبعهم إلى نهاوند ، فالتقوا عندها ، واقتتلوا قتالا كثر فيه القتلى والأسرى فظفر علاء الدولة [ ص: 699 ] وقتل ابنين لولكين في المعركة . وأسر الإصبهبذ وابنان له ووزيره ، ومضى ولكين في نفر يسير إلى جرجان . وقصد علي بن عمران قلعة كنكور ، فتحصن بها ، فسار إليه علاء الدولة فحصره بها ، وبقي إصبهبذ محبوسا عند علاء الدولة إلى أن توفي في رجب سنة تسع عشرة وأربعمائة .

ثم إن ولكين بن وندرين سار بعد خلاصه من الوقعة إلى منوجهر بن قابوس ، وأطمعه في الري وملكها ، وهون عليه أمر البلاد لا سيما مع اشتغال علاء الدولة بمحاصرة علي بن عمران ، وانضاف إلى ذلك أن ولد ولكين ، كان صهر علاء الدولة على ابنته ، وقد أقطعه علاء الدولة مدينة قم ، فعصى عليه وصار مع أبيه ، وأرسل إليه يحثه على قصد البلاد ، فسار إليها ومعه عسكره ، وعساكر منوجهر ، حتى نزلوا على الري ، وقاتلوا مجد الدولة بن بويه ومن معه ، وجرى بين الفريقين وقائع استظهر فيها أهل الري . فلما رأى علاء الدولة ذلك صالح علي بن عمران .

فلما بلغ ولكين الصلح بين علاء الدولة وعلي بن عمران رحل عن الري من غير بلوغ غرض ، فتوجه علاء الدولة إلى الري ، وراسل منوجهر ، ووبخه وتهدده ، وأظهر قصد بلاده ، فسمع أن علي بن عمران قد كاتب منوجهر ، وأطمعه ووعده النصرة ، وحثه على العود إلى الري ، فعاد علاء الدولة عن قصد بلاد منوجهر ، وتجهز لقصد علي بن عمران ، فأرسل ابن عمران إلى منوجهر يستمده ، فسير إليه ستمائة فارس وراجل مع قائد من قواده وتحصن ابن عمران ، وجمع عنده الذخائر بكنكور ، وقصده علاء الدولة وحصره وضيق عليه ، ففني ما عنده ، فأرسل يطلب الصلح ، فاشترط علاء الدولة أن يسلم قلعة كنكور والذين قتلوا أبا جعفر ابن عمه ، والقائد الذي سيره إليه منوجهر ، فأجابه إلى ذلك وسيرهم إليه ( فقتل قتلة ) ابن عمه ، وسجن القائد ، وتسلم القلعة ، وأقطع عليا عوضا عنها مدينة الدينور ، وأرسل منوجهر إلى علاء الدولة فصالحه ، فأطلق صاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية