الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ا هـ ( فرع ) قال في المدونة بعد ما تقدم : ولو بعت دينك من غير غريمك بما ذكرنا جاز وليس كغريمك ; لأنك انتفعت بتأخيره في ثمن ما فسخته فيه عليه بخلاف الأجنبي ا هـ . فظاهره أنه يجوز بجميع ما تقدم ذكره وقد صرح في الأم بجوازه في المواضعة والغائب والثمرة التي أزهت والزرع الذي أفرك ولم يذكر فيها بيعه بمنافع العين وظاهر كلام البراذعي جوازه لإدخاله إياه في العموم وقال اللخمي : واختلف فيمن له دين فباعه من أجنبي بمنافع عين أو دابة ا هـ .

                                                                                                                            ص ( وحاضر إلا أن يقر )

                                                                                                                            ش : قال في المسائل الملقوطة ، قال في وثائق الغرناطي : لا يجوز بيع الدين إلا بخمسة شروط أن لا يكون طعاما وأن يكون الغريم حاضرا مقرا به وأن يباع بغير جنسه وأن لا يقصد ببيعه ضرر المديان وأن يكون الثمن نقدا ا هـ . ونزلت مسألة وهي : رجل اشترى دينا وفيه رهن أو حميل فهل يدخل الرهن والحميل في الدين أو لا وكذلك من أحيل على دين أو وهب له أو ملكه وفيه رهن أو حميل هل يدخلان أم لا فأخبرت أن بعض الناس أفتى فيها بدخول الرهن والحميل من غير تفصيل ولم ينص أحد من أهل المذهب على ذلك فيما علمت وليس ما أفتى به من عدم التفصيل بصواب فيما يظهر والظاهر أن يقال أما إذا كان في الدين المحال به رهن أو حميل فلا شك أن بالحوالة يبرأ المحيل ويرجع الرهن إلى ربه قال المصنف في باب الضمان : وإن برئ الأصيل برئ يعني الضامن وأما الرهن فلا يخلو أن يشترط دخوله أو عدم دخوله أو يسكت عن ذلك فإن شرط دخوله دخل وللراهن الخيار بين أن يجعله بيد المشتري أو يجعله بيد عدل غيره وإن شرط عدم دخوله لم يدخل وإن سكت عن ذلك فلا يدخل أيضا ; لأن الدين ملك للبائع ، والتوثق بالرهن حق له والكل منهما منفك عن الآخر والأصل بقاء ما للإنسان على ملكه حتى يخرج عنه برضاه وإن اختلفا في البيع هل وقع على دخول الرهن أو لا ، فيتحالفان ويتقاسمان ويبدأ البائع اختلف البائع والمشتري في البيع هل وقع على رهن أو حميل وكذلك القول في الحميل إلا أنه إذا شرط

                                                                                                                            [ ص: 369 ] دخوله فيشترط فيه أن يحضر ويقر بالحمالة لئلا يصير من شراء ما فيه خصومة ومثل ذلك إذا وهب الدين أو ملكه ويشهد لذلك ما ذكره ابن عرفة في باب الأيمان عن ابن القاسم في المجموعة فيمن حلف ليقضين غريمه إلى أجل كذا إلا أن يؤخره ونصه في المجموع عن ابن القاسم لو كان الدين غير محيط فرضي الغرماء بالحوالة عليه وأخروه وأبرءوا الورثة لم يجز إلا أن يجعل الورثة لهم أي للغرماء ما كان لهم من التأخير ; لأن الطالب لو أحال بالحق رجلا فأنظره المحال لم يبرأ إلا أن يجعل بيده التأخير كما كان له ا هـ . وذكر هذا التقييد الذي ذكره ابن القاسم أبو الحسن الصغير ثم وقفت في كتاب الرهون من النوادر في باب تعدي المرتهن على كلام يشهد لما ذكرته ونصه من المجموعة قال سحنون وإذا باع المرتهن الدين الذي على الراهن فسأله المشتري دفع الرهن إليه فليس له ذلك وإن فعل ضمن ا هـ . فقوله ليس له دفع الرهن للمشتري موافق لما ذكرته ولا يؤخذ من كلامه أن الرهن يسقط فتأمله ، وذكر بعضهم أن القاضي سندا ذكر في السلم شيئا مما يتعلق بانتقال الدين فينظر فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية