الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ولاء المكاتب إذا أعتق

                                                                                                          قال مالك إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده فإن أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب قال مالك وكذلك أيضا لو كاتب المكاتب عبدا فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه فإن ولاءه لسيد المكاتب ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء ولا يكون له الولاء حتى يعتق قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه ويشح الآخر ثم يموت المكاتب ويترك مالا قال مالك يقضي الذي لم يترك له شيئا ما بقي له عليه ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبدا لأن الذي صنع ليس بعتاقة وإنما ترك ما كان له عليه قال مالك ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتبا وترك بنين رجالا ونساء ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئا ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم قال مالك ومما يبين ذلك أيضا أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق قال ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركا له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          10 - باب ولاء المكاتب إذا أعتق

                                                                                                          ( قال مالك : إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له ) لأنه من التبرعات ، وهو ممنوع منها فلسيده رده ( إلا بإذن سيده ) فيجوز ( فإن ) أعتق بلا إذنه و ( أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب ) لأنه ثبت له في وقت أحرز فيه ماله وتم عتقه بأداء الكتابة . ( وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق ) بفتح التاء ( لسيد المكاتب ) لموته وهو عبد . ( وإن مات المعتق ) بالفتح ( قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب ) لا هو لرقه ( وكذلك أيضا لو كاتب المكاتب عبدا فعتق المكاتب الآخر ) بكسر الخاء ( قبل سيده الذي كاتبه ، فإن ولاءه لسيد المكاتب ) لا له لرقه ( ما ) أي مدة كونه ( لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله ) لأنه الذي عقده ، وإنما منع منه للرق فلما زال عاد له . ( وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار ) صفة ولد لأنه يكون واحدا وجمعا ( لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم ؛ لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء ) لرقه ( ولا يكون له الولاء حتى يعتق ) لأنه لا يكون لرقيق .

                                                                                                          [ ص: 197 ] ( وفي المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه ويشح الآخر ) بمعنى يمتنع من الترك لا حقيقة الشح ( ثم يموت المكاتب ويترك مالا ، قال مالك : يقضي الذي لم يترك له شيئا ما بقي له عليه ) من رأس المال ( ثم يقتسمان المال كهيئته ) أي صفته ( لو مات عبدا لأن الذي فعل ) التارك ( ليس بعتاقة ، وإنما ترك ما كان له عليه ) وذلك لا يستلزم العتق . ( ومما يبين ذلك ) يوضحه ( أن الرجل إذا مات وترك مكاتبا وترك بنين رجالا و ) ترك ( نساء ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئا ، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم ) لأن الولاء لمن أعتق منهم ، فدل على أنه ترك فقط . ( ومما يبين ذلك أيضا أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب ، لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي ) نائب فاعل " يقوم " ( من المكاتب ) فدل على أنه ترك .

                                                                                                          ( ولو كان عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله ) إن كان له مال ( كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعتق شركا ) نصيبا ( له في عبد ) أي رقيق ( قوم عليه قيمة العدل ) بلا زيد ولا نقص ( فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق ) وبقي باقيه رقيقا . ( ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة [ ص: 198 ] المسلمين ) طريقتهم ( التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركا له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله ولو أعتق عليه كان الولاء له دون شركائه ) عملا بالحديث . ( ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين ) طريقتهم ( أن الولاء لمن عقد الكتابة ، وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء ) ولو كان عتقا حقيقة لكان لهن ولاء نصيبهن إذا أعتقن ; لأن الولاء للمعتقة ( إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور ) إن كانوا ( أو عصبته من الرجال ) إن لم يكونوا ; لأن الولاء لا يرثه أنثى .




                                                                                                          الخدمات العلمية