الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4521 ) فصل : وإن صاد غزالا ، فوجده مخضوبا ، أو في عنقه حرز ، أو في أذنه قرط ، ونحو ذلك مما يدل على ثبوت اليد عليه ، فهو لقطة ; لأن ذلك دليل على أنه كان مملوكا . وقال أحمد ، في من ألقى شبكة في البحر ، فوقعت فيها سمكة ، فجذبت الشبكة ، فمرت بها في البحر ، فصادها رجل ، فإن السمكة للذي حازها ، والشبكة يعرفها ويدفعها إلى صاحبها . فجعل الشبكة لقطة ; لأنها مملوكة لآدمي ، والسمكة لمن صادها ; لأنها كانت مباحة ولم يملكها صاحب الشبكة ، لكون شبكته لم تثبتها ، فبقيت على الإباحة ، وهكذا لو نصب فخا أو شركا ، فوقع فيه صيد من صيود البر ، فأخذه وذهب به ، وصاده آخر ، فهو لمن صاده ، ويرد الآلة إلى صاحبها ، فهي لقطة يعرفها

                                                                                                                                            وقال أحمد ، في رجل انتهى إلى شرك فيه حمار وحش ، أو ظبية ، قد شارف الموت ، فخلصه وذبحه : هو لصاحب الأحبولة ، وما كان من الصيد في الأحبولة فهو لمن نصبها ، وإن كان بازيا أو صقرا أو عقابا . وسئل عن بازي أو صقر أو كلب معلم أو فهد ، ذهب عن صاحبه ، فدعاه فلم يجبه ، ومر في الأرض حتى أتى لذلك أيام ، فأتى قرية ، فسقط على حائط ، فدعاه رجل فأجابه ؟ قال : يرده على صاحبه . قيل له : فإن دعاه فلم يجبه فنصب له شركا فصاده به ؟ قال : يرده على صاحبه فجعل هذا لصاحبه ; لأنه قد ملكه ، فلم يزل ملكه عنه بذهابه عنه ، والسمكة في الشبكة لم يكن ملكها ولا حازها ، وكذلك جعل ما وقع في الأحبولة من البازي والصقر [ ص: 18 ] والعقاب لصاحب الأحبولة .

                                                                                                                                            ولم يجعله هاهنا لمن وقع في شركه ; لأن هذا فيما علم أنه قد كان مملوكا لإنسان فذهب ، وإنما يعلم هذا بالخبر ، أو بوجود ما يدل على الملك فيه ، مثل وجود السير في رجله ، أو آثار التعلم ، مثل استجابته للذي يدعوه ، ونحو ذلك . ومتى لم يوجد ما يدل على أنه مملوك ، فهو لمن اصطاده ; لأن الأصل عدم الملك فيه وإباحته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية