الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ إذا ترجح عند المفتي مذهب غير مذهب إمامه ، فهل يفتي به ؟ ] الفائدة الخمسون : ( هل للمفتي المنتسب إلى مذهب إمام بعينه أن يفتي بمذهب غيره إذا ترجح عنده ) ؟ فإن كان سالكا سبيل ذلك الإمام في الاجتهاد ومتابعة الدليل أين كان - وهذا هو المتبع للإمام حقيقة - فله أن يفتي بما ترجح عنده من قول غيره ، وإن كان مجتهدا [ ص: 183 ] متقيدا بأقوال ذلك الإمام لا يعدوها إلى غيرها فقد قيل : ليس له أن يفتي بغير قول إمامه ; فإن أراد ذلك حكاه عن قائله حكاية محضة .

والصواب أنه إذا ترجح عنده قول غير إمامه بدليل راجح فلا بد أن يخرج على أصول إمامه وقواعده ; فإن الأئمة متفقة على أصول الأحكام ، ومتى قال بعضهم قولا مرجوحا فأصوله ترده وتقتضي القول الراجح ، فكل قول صحيح فهو يخرج على قواعد الأئمة بلا ريب ; فإذا تبين لهذا المجتهد المقيد رجحان هذا القول وصحة مأخذه خرج على قواعد إمامه فله أن يفتي به ، وبالله التوفيق .

وقد قال القفال : لو أدى اجتهادي إلى مذهب أبي حنيفة قلت : مذهب الشافعي كذا ، لكني أقول بمذهب أبي حنيفة ; لأن السائل إنما يسألني عن مذهب الشافعي ; فلا بد أن أعرفه أن الذي أفتيته به غير مذهبه ، فسألت شيخنا قدس الله روحه عن ذلك ، فقال : أكثر المستفتين لا يخطر بقلبه مذهب معين عند الواقعة التي سأل عنها ، وإنما سؤاله عن حكمها وما يعمل به فيها ، فلا يسع المفتي أن يفتيه بما يعتقد الصواب في خلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية