الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4381 [ ص: 408 ] 5 - باب: قوله: فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم الآية [التوبة: 12]

                                                                                                                                                                                                                              4658 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، حدثنا إسماعيل، حدثنا زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة، ولا من المنافقين إلا أربعة. فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - تخبرونا فلا ندري، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفساق، أجل لم يبق منهم إلا أربعة، أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده. [فتح: 8 \ 322].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              يعني: رءوس قريش وقادتهم أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو .

                                                                                                                                                                                                                              قال الفراء : لا عهود لهم.

                                                                                                                                                                                                                              قرأ ابن (عامر ) إيمان بكسر الهمزة، والباقون بالفتح.

                                                                                                                                                                                                                              وقال مجاهد : أهل فارس والروم.

                                                                                                                                                                                                                              وقال حذيفة : ما قوتل أهل هذه الآية ولم يأت أهلها.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق البخاري حديث زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة، ولا من المنافقين إلا أربعة. فقال أعرابي: إنكم -أصحاب محمد - تخبرونا بما لا ندري أخبارا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 409 ] لا ندري ما هي، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفساق،
                                                                                                                                                                                                                              أجل لم يبق منهم إلا أربعة، بينهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده.

                                                                                                                                                                                                                              اعترض الإسماعيلي فقال: قال إسماعيل: يعني الذين كاتبوا المشركين، وليس في الحديث الذي ذكره بيان للآية، وقد ذكر بيانها سفيان عن إسماعيل، عن زيد: سمعت حذيفة يقول: ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية: لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء [الممتحنة: 1] إلا أربعة أنفس قال: فإذا كان ما ذكرت في خبر سفيان ، فحق أن يخرج في سورة الممتحنة، وإنما ذكر المنافقين في البقرة وآل عمران وغيرهما فلم أتى بهذا الحديث في ذكرهم؟

                                                                                                                                                                                                                              قلت: وكان حذيفة أسر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسماء عدة من المنافقين وأئمة الكفر الذين نزلت فيهم الآية ولم يسر إليه بأسماء جميعهم، وإليه الإشارة بقوله: لا تعلمهم نحن نعلمهم [التوبة: 101].

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي : وظاهر إيراد حديث حذيفة أنه يعلمهم؛ لقوله: (ولا من المنافقين إلا أربعة) إلا أن يقال: ممن سمي له.

                                                                                                                                                                                                                              و(يبقرون) بالباء ثم قاف أي: يفتحون، يقال: بقرت الشيء إذا فتحته، قاله ابن فارس ، ورواه قوم بالنون بدل الباء، حكاه ابن الجوزي ، والأول أصح. وقال الخطابي : معنى ينقرون: ينقبون، والنقر أكثره إنما يكون في الصخور والخشب، والأعلاق يعني بعين مهملة كما ضبطه به ابن الجوزي : المال النفيس، وكل شيء له قدر، واحده: علق بكسر العين، يسمى بذلك لتعلق العلم به.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 410 ] وكذا قال الخطابي : الأعلاق: نفائس الأموال، وكل شيء له قيمة أو له من نفسه قدر فهو علق. وبخط الدمياطي بالغين المعجمة ضبطها، وقد حكاه ابن التين، ثم قال: لا أعلم له وجها.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (لما وجد برده) إشارة إلى قطع لذته. ومعنى (أجل): نعم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية