الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 190 ] فصل [ لم يأمر النبي بالقياس بل نهى عنه ]
nindex.php?page=treesubj&link=21706والرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع أمته إلى القياس قط ، بل قد صح عنه أنه أنكر على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وأسامة محض القياس في شأن الحلتين اللتين أرسل بهما إليهما فلبسها أسامة قياسا للبس على التملك والانتفاع والبيع وكسوتها لغيره ، وردها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قياسا لتملكها على لبسها ، فأسامة أباح ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر حرم قياسا ، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد من القياسين ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=41597وقال nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها } ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=41575وقال لأسامة إني لم أبعثها إليك لتلبسها ، ولكن بعثتها إليك لتشققها خمرا لنسائك } ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تقدم إليهم في الحرير بالنص على تحريم لبسه فقط ، فقاسا قياسا أخطأ فيه ، فأحدهما قاس اللبس على الملك ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر قاس التملك على اللبس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن ما حرمه من اللبس لا يتعدى إلى غيره ، وما أباحه من التملك لا يتعدى إلى اللبس ، وهذا عين إبطال القياس .
وصح عنه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=1500أبو ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=11292، إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها } ، وهذا الخطاب كما يعم أوله للصحابة ولمن بعدهم فهكذا آخره ; فلا يجوز أن نبحث عما سكت عنه ليحرمه أو يوجبه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16873تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلون الحرام ، ويحرمون الحلال } . قال nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16905محمد بن إسماعيل الترمذي ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ثنا عبد الله ، فذكره ، وهؤلاء كلهم أئمة ثقات حفاظ إلا جرير بن عثمان فإنه كان منحرفا عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ومع هذا فاحتج به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، وقد روى عنه أنه تبرأ مما نسب إليه من الانحراف عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=17211ونعيم بن حماد إمام جليل ، وكان سيفا على الجهمية ، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه .
وقد صح عنه صحة تقرب من التواتر أنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18867، ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم } ، فتضمن هذا الحديث أن ما أمر به أمر إيجاب فهو واجب ، وما نهى عنه فهو [ ص: 191 ] حرام ، وما سكت عنه فهو عفو مباح فبطل ما سوى ذلك ، والقياس خارج عن هذه الوجوه الثلاثة ; فيكون باطلا ، والمقيس مسكوت عنه بلا ريب ; فيكون عفوا بلا ريب ، فإلحاقه بالمحرم تحريم لما عفا الله عنه .
، وفي قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=18867، ذروني ما تركتكم } بيان جلي أن ما لا نص فيه فليس بحرام ولا واجب ، ودل الحديث على أن أوامره على الوجوب حتى يجيء ما يرفع ذلك ، أو يبين أن مراده الندب ، وأن ما لا نستطيعه فساقط عنا .
وقد روى ابن المغلس ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16460عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة الرقاشي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا سيف بن هارون البرجمي عن سليمان التيمي عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19977سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء ، فقال : الحلال ما أحل الله ، والحرام ما حرم الله وما سكت عنه فهو مما عفا عنه } ، وهذا إسناد جيد مرفوع ، والله المستعان ، وعليه التكلان .