الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      القسم الأول

      العلاقة بين التربية والقانون في الإطار الإسلامي

      الخصائص والمنهجية

      - مدخل:

      من الأهداف الاجتماعية للتربية "تكييف" الفرد مع معتقدات الجماعة وقيمها وأعرافها واتجاهاتها، ومن ثم "دمجه" ضمن إطار ثقافتها العامة.

      ومن أهدافها أيضا ممارسة "الضبط الاجتماعي" بما يتوافق مع تلك المعتقدات والقيم والقوانين السائدة، إضافة إلى "تهيئة" الأفراد للنهوض بمسؤولياتهم والقيام بواجباتهم العامة وإعدادهم "لاحترام الحقوق" والدفاع عن "الأمن العام" وصيانة المجتمع والمساعدة على حسن إدارته.

      وهذه الأهـداف هي ضمن ما تبتغيه القوانين أيضا، مع اختلاف في الجوانب والمساحات، التي تتحرك فيها التربية ويتحرك فيها القانون، وذلك بحسب فلسفة كل نظام اجتماعي، وما يضعه من حدود لكل منهما.

      فإذا كان النظـام الليبرالي، الـذي تحكمـه: "النظرية الفردية" و"مبـدأ سـلطان الإرادة" تـنـحـسـر فـي ظلـه مسـاحـات التـدخـل التربوي والقانونـي فيما هو تفـصيلـي، فإن النظام الذي يعتمد "النظرية الاجتماعية" ويراعي الأبعاد المجتمعية تتوسع لديه مساحات ذلك التدخل، كما هو الحال مع النظام [ ص: 29 ] الإسلامي، الذي يمتد في ظله التدخل التربوي والقانوني ليشمل جوانب مختلفة من السلوك وحقولا متعددة من حقول الحياة، وعلى نحو تترابط في إطاره أهداف ووظائف التربية والقانون على السواء.

      إذا كان الغرب ينظر إلى العدالة على أنها عمل بظاهر القانون، فإن الإسـلام لا ينظر إلى العدالة بناء على القانون في شـكلانيته بقدر ما ينظر إلى الغاية المرجوة من ورائه، ألا وهي إقرار العدل [1] ، بمعناه الحقيقي.

      كما أن التربية حين تتحدد مجالاتها في ظل النظام الغربي ولا تأخذ طابعا شموليا، فإن التربية في الإسلام تتعدد مجالاتها ويتسع امتدادها، فتخاطب من جهة عناصر التكوين الإنساني المتعددة (عقلا وروحا وجسدا ووجدانا)، وتعالج في الوقت نفسه الحقول الاجتماعية والإنسانية المختلفة (الاجتماعية- السياسية- الاقتصادية- الجمالية...)؛ كل ذلك يمنح العلاقة بين التربية والقانون، في الإطار الإسلامي، خصوصية وتميزا. [ ص: 30 ]

      التالي السابق


      الخدمات العلمية