الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث

                                                                                                                في صريح اللفظ والنفي

                                                                                                                النفي عندنا موجب للحد ( قاله أحمد ) ، وقال ( ش ) و ( ح ) : إذا قال العربي : يا قبطي ، وقال : أردت قبطي اللسان أو الدار ; لأنه نشأ فيها ، صدق بعد يمينه ، أو قال : أردت أنه ليس من أبيه ، حد إن كانت أمه محصنة يحد قاذفها ، وإلا فلا ; لأن الله تعالى جعل سبب الحد في القذف الزنا في المحصن ; لقوله تعالى : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات ) . لنا : قوله - عليه السلام - : ( لا أوتى برجل يقول : إن كنانة [ ص: 99 ] ليست من قريش إلا جلدته ) . وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ( لا حد إلا في اثنين : قذف محصنة ، ونفي رجل من أبيه ) ولا يقول هذا إلا توقيفا . وعلل صاحب المنتقى وغيره ، بأن النفي قذف ، وهو يبطل بأن الأم قد تكون لا يحد قاذفها ، وقد تكون مجهولة . وفي الكتاب : إن قال لمسلم : لست لأبيك ، وأبواه نصرانيان ، حد ، وكذلك إن قال : لست ابن فلان ، لجده ، وجد أمه كافر ، أو لرجل من ولد عمر بن الخطاب : لست ابن الخطاب : وإن قال : ليس أبوك الكافر ابن أبيه ، لم يحد ، حتى يقوله لمسلم ; لأن الكافر لا يحد له ، وإن قال : لست ابن فلان لجده ، وقال : أردت : لست ابنه لصلبه ، حد ، وإن قال : أنت ابن فلان - نسبه لجده في مشاتمة وغيرها - لم يحد ، وكذلك إن نسبه إلى جد لأمه ; لأنه كالأب يحرم عليه ما نكح ، فإن نسبه إلى عمه أو خاله أو زوج أمه ، حد . وإن قال لعربي : لست من بني فلان لقبيلته التي هو منها ، حد ، وإن كان مولى ، لم يحد بعد أن يحلف : ما أراد نفيا ، أو قال لعربي : يا قبطي ، حد ، وإن قاله لمولى ، حلف ، ونكل ، وإن نكل ، لم يحد ، ونكل . وفي النكت : يجب الحد بالنفي كان الأبوان كافرين أو عبدين ، قال مالك وأصحابه فإن عفا ، وأبواه عبدان أو كافران نفذ عفوه ، أو مسلمان حران ، فلهما القيام بالحد ، وكذلك إن كان أبوه مسلما وأمه نصرانية أو أمة ، فلا يثبت القيام ; لأنه حمل أباه على غير أمه بنسبه للزنا ، أو انعكس الحال بين الأبوين ، قامت الأم بالحد ; لأنه نسبها إلى الزنا ، وإن قال ذلك لعبد ، لا يحد له ، وأبواه عبدان ، أو كافران ، لم يحد ، وأبواه حران مسلمان ، حد ، وكذلك إن كانت الأم حرة مسلمة ، والأب عبدا ; لأنه رمى أمه ، أو أمة أمه ، أو كافرة ، وأبوه مسلم ، حد ( قاله ابن القاسم ) ، وقال أشهب : لا حد في نفي العبد ، قال ابن يونس في الموازية : يا ولد زنا ، أو أنت لزنية ، أو ولد زنية ، حد ، وإن كانت [ ص: 100 ] مملوكة أو مشتركة ، بخلاف يا ابن الزاني أو الزانية ، إن كانا عبدين أو كافرين ; لأن هذا قذف لهما والأول نفي . وإن قال : لست ولد فلان ، لجده ، وقال : أردت : لست لصاحبه ، حد ، كان جده مسلما أم لا ، قال أشهب : هذا إذا كان ولادة جده في الإسلام ، ولم يكن مجهولا ، وكذلك إذا نفاه عن أبيه دنية ; لأن المجهولين لا يثبت نسبهم ولا يتوارثون بها . وإن كان من العرب ، حد . وإن كان ولادة أبيه أو جده في الجاهلية ، وولد المقول له في الإسلام . وإن قال : لست من موالي فلان - وهو منهم - حد ، وكذلك ، لست من الموالي ، وله أب معتق ، بخلاف : لست مولى لفلان ، وفلان قد أعتقه ; لأنه لم ينفه من نسب . ولست ابن فلان ، وأمه أم ولد ، حد . وليس بابن فلانة ، لا يحد ; لأنه معلوم الولادة منها ، فلم يؤثر ذلك في عرضه . وإن قال لعبد - وأبواه حران مسلمان - لست لأبيك ، حد السيد ، فإن ماتا ولم يرثهما أحد أو ورثهما غيره ، فله حد سيده .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية