الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وذكر في القنية من باب ما يبطل دعوى المدعي ، قال : سمعت شيخ الإسلام القاضي علاء الدين المروزي يقول : عندنا كثيرا أن الرجل يقر على نفسه بمال في صك ويشهد عليه ، ثم يدعي أن بعض هذا المال قرض وبعضه ربا عليه .

                ونحن نفتي أنه إن أقام على ذلك بينة تقبل ، وإن كان مناقضا ، لأنا نعلم أنه مضطر إلى هذا الإقرار ( انتهى ) .

                وقال في كتاب المداينات قال أستاذنا : وقعت واقعة في زماننا أن رجلا كان يشتري الذهب الرديء زمانا الدينار بخمسة دوانق ، ثم تنبه فاستحل منهم فأبرءوه عما بقي [ ص: 409 ] لهم عليه حال كون ذلك مستهلكا .

                فكتبت أنا وغيري أنه يبرأ .

                وكتب ركن الدين الزنجاني : الإبراء لا يعمل في الربا ; لأن رده لحق الشرع .

                وقال : به أجاب نجم الدين الحكمي معللا بهذا التعليل ، وقال : هكذا سمعت عن ظهير الدين المرغيناني قال رضي الله تعالى عنه : فقرب من ظني أن الجواب كذلك مع تردد ، فكنت أطلب الفتوى لأمحو جوابي عنه فعرضت هذه المسألة على علاء الأئمة الحناطي ، فأجاب أنه يبرأ إن كان الإبراء بعد الهلاك ، وغضب من جواب غيره أنه لا يبرأ فازداد ظني بصحة جوابي .

                ولم أمحه .

                ويدل على صحته ما ذكره البزدوي في غناء الفقهاء ، من جملة صور البيع الفاسد : جملة العقود الربوية يملك العوض فيها بالقبض ، فإذا استهلكه على ملكه ضمن مثله ، فلو لم يصح الإبراء لرد مثله فيكون ذلك رد ضمان ما استهلك لا رد عين ما استهلك ، وبرد ضمان ما استهلك لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيدا للملك في فصل الربا ، فلو لم يكن في رده فائدة نقض عقد الربا ، ليجب ذلك حقا للشرع ، 295 - وإنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا ، إن كان قائما [ ص: 410 ] لا رد ضمانه ( انتهى )

                التالي السابق


                ( 294 ) قوله :

                إلا إذا أقامه وأراد أن يكتب إلخ .

                يعني إذا كان لرجل على آخر دين في بلدة أخرى وله شاهد واحد في بلدته وآخر في بلدة المدعى عليه وأراد أن ينقل شهادة من في بلدته ويدعي على ذلك الشخص ويتمسك بكتاب الشهادة ويشاهد هناك جاز كما في الدرر والغرر [ ص: 409 ] قوله : وإنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا إن كان قائما : لا رد ضمانه قال بعض الفضلاء : قد علمت أن العقد المذكور تعلق بسببه حقان حق العبد وهو رد عينه إن كان باقيا أو رد ضمانه إن كان مستهلكا ، وحق الشرع وهو رد عينه ينقض العقد السابق المنهي عنه شرعا ; وإبراء العبد إنما يكون فيما يملكه وهو الدين الثابت في الذمة ولا شك في براءته عنه ; لأن المالك له قد أبرأه منه ، وأما فيما لا يملكه وهو حق الشرع فلا عمل لإبرائه عنه ; لأنه ليس حقا له .

                وقد تعذر بعدم التصور بعد [ ص: 410 ] الهلاك ، وكلام ركن الدين مفروض فيه ، ألا تراه علله بقوله : لأن رده لحق الشرع .

                وما ذكره البزدوي صريح في أن الثابت في الذمة وهو ضمانه قابل للإبراء .

                قالوا : يجب القطع بأن الضمان الثابت بالاستهلاك في الذمة يقع الإبراء عنه ، وأما حق الشرع فلصاحبه لا دخل للعبد فيه ، فكيف يقول بإبرائه . تأمل .

                وقد تقدم قبل هذه الورقة بسبع ورقات الإبراء العام في ضمن عقد فاسد لا يمنع الدعوى .

                كذا في دعوى البزازية ; وقد ذكرنا بعد هذا أن الإبراء عن الربا لا يصح فتسمع الدعوى به وتقبل البينة ( انتهى ) .

                ( 296 ) قوله :

                لا رد ضمانه .

                يعني حقا للشرع ، وأما رده حقا للعبد فواجب .




                الخدمات العلمية