الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7465 ) فصل : قال أحمد : والنفل من أربعة أخماس الغنيمة . هذا قول أنس بن مالك ، وفقهاء الشام ; منهم رجاء بن حيوة ، وعبادة بن نسي ، وعدي بن عدي ، ومكحول ، والقاسم بن عبد الرحمن ، ويزيد بن أبي مالك ، ويحيى بن جابر ، والأوزاعي ، وبه قال إسحاق ، وأبو عبيد .

                                                                                                                                            وقال أبو عبيد : والناس اليوم على هذا . قال أحمد : وكان سعيد بن المسيب ، ومالك بن أنس يقولان : لا نفل إلا من الخمس . فكيف خفي عليهما هذا مع علمهما ، وقال النخعي وطائفة : إن شاء الإمام نفلهم قبل الخمس ، وإن شاء بعده .

                                                                                                                                            وقال أبو ثور : وإنما النفل قبل الخمس . واحتج من ذهب إلى هذا بحديث ابن عمر الذي أوردناه . ولنا ما روى معن بن يزيد السلمي ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول : { لا نفل إلا بعد الخمس } . رواه أبو داود ، وابن عبد البر . وهذا صريح .

                                                                                                                                            وحديث حبيب بن مسلمة { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس ، والثلث بعد الخمس } . وحديث جرير حين قال له عمر ولك الثلث بعد الخمس . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نفل الثلث ، ولا يتصور إخراجه من الخمس .

                                                                                                                                            ولأن الله تعالى قال : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } . يقتضي أن يكون الخمس خارجا من الغنيمة كلها . وأما حديث ابن عمر ، فقد رواه شعيب ، عن نافع عن ابن عمر ، قال : { بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش [ ص: 188 ] قبل نجد ، وابتعثت سرية من الجيش ، فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا ، ونفل أهل السرية بعيرا بعيرا ، فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرا . }

                                                                                                                                            فهذا يمكن أن يكون نفلهم من أربعة أخماس الغنيمة دون بقية الجيش ، كما تنفل السرايا . ويتعين حمل الخبر على هذا ; لأنه لو أعطى جميع الجيش ، لم يكن ذلك نفلا ، وكان قد قسم لهم أكثر من أربعة الأخماس وهو خلاف الآية والأخبار ( 7466 ) فصل : وكلام أحمد في أن النفل من أربعة الأخماس ، عام ; لعموم الخبر فيه ، ويحتمل أن يحمل على القسمين الأولين من النفل ، فأما القسم الثالث ، وهو أن يقول : من جاء بشيء فله كذا ، أو : من جاء بعشرة رءوس فله رأس منها .

                                                                                                                                            فيحتمل أن يستحق ذلك من الغنيمة كلها ; لأنه ينزل بمنزلة الجعل ، فأشبه السلب ، فإنه غير مخموس . ويحتمل في القسم الثاني ، وهو زيادة بعض الغانمين على سهمه لغنائه ، أن يكون من خمس الخمس المعد للمصالح ; لأن عطية هذا من المصالح . والمذهب المنصوص عليه الأول ; لأن عطية سلمة بن الأكوع ، سهم الفارس زيادة على سهمه ، إنما كان من أربعة الأخماس . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية