الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 97 ] فصل : وإن سرق ماء ، فلا قطع فيه . قال أبو بكر ، وأبو إسحاق بن شاقلا ; لأنه مما لا يتمول عادة ولا أعلم في هذا خلافا . وإن سرق كلأ أو ملحا ، فقال أبو بكر : لا قطع فيه ; لأنه مما ورد الشرع باشتراك الناس فيه ، فأشبه الماء . وقال أبو إسحاق بن شاقلا : فيه القطع ; لأنه يتمول عادة ، فأشبه التبن والشعير . وأما الثلج : فقال القاضي : هو كالماء ; لأنه ماء جامد ، فأشبه الجليد ، والأشبه أنه كالملح ; لأنه يتمول عادة ، فهو كالملح المنعقد من الماء . وأما التراب : فإن كان مما تقل الرغبات فيه ، كالذي يعد للتطيين والبناء ، فلا قطع فيه ; لأنه لا يتمول ، وإن كان مما له قيمة كثيرة ، كالطين الأرمني ، الذي يعد للدواء ، أو المعد للغسل به ، أو الصبغ كالمغرة ، احتمل وجهين ; أحدهما : لا قطع فيه ; لأنه من جنس ما لا يتمول ، أشبه الماء .

                                                                                                                                            والثاني : فيه القطع ; لأنه يتمول عادة ، ويحمل إلى البلدان للتجارة فيه ، فأشبه العود الهندي . ولا يقطع بسرقة السرجين ; لأنه إن كان نجسا فلا قيمة له ، وإن كان طاهرا ، فلا يتمول عادة ، ولا تكثر الرغبات فيه ، فأشبه التراب الذي للبناء ، وما عمل من التراب كاللبن والفخار ، ففيه القطع ; لأنه يتمول عادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية