، ثم قال :
وهل الملك من خطاب الوضع أو من خطاب التكليف الذي هو من الأحكام الخمسة . ؟ والذي يظهر لي أنه أحد الأحكام الخمسة وأنه إباحة خاصة في تصرفات خاصة وأخذ العوض عن ذلك المملوك على وجه خاص كما تقررت قواعد المعاوضات في الشريعة وشروطها وأركانها ، وخصوصيات هذه الإباحة هي الموجبة للفرق بين الملك وغيره ولذلك قلنا : إنه معنى شرعي مقدر يريد أنه متعلق الإباحة ، والتعلق أمر عدمي من باب النسب والإضافات التي لا وجود لها في الأعيان بل في الأذهان ، ولأجل ذلك لنا أن نغير الحد فنقول : الملك إباحة شرعية في عين أو منفعة يقتضي تمكن صاحبها من الانتفاع بتلك العين أو المنفعة وأخذ العوض عنها من حيث هي كذلك ، فبهذا اللفظ استقام الحد وظهر أن الملك من خطاب التكليف ، ومنهم من جعله من خطاب الوضع الذي هو نصب الأسباب والشروط والموانع والمقادير الشرعية ، وليس هو منها وإن كان هو سببا للانتفاع ; لأن كل حكم شرعي سبب لمسببات كثيرة كالثواب والعقاب ا هـ .
(
قلت : ) ويمكن أن يقال : إنه من خطاب التكليف والوضع معا ، وقد بين في الفرق السادس والعشرين أنهما قد يجتمعان ، وقد ينفرد كل واحد منهما ، وقد بحث
ابن الشاط مع
القرافي في
حد الملك ، وقال : إنه فاسد من وجوه ، وإن الصحيح في حده أنه تمكن الإنسان شرعا بنفسه وبنائبه من الانتفاع بالعين أو المنفعة ومن أخذ العوض عن العين أو المنفعة ، هذا إن قلت : إن الضيافة ونحوها لا يملكها من سوغت له ، وإن قلنا : إنه يملكها زدنا في الحد بعد قولنا : ومن أخذ العوض ، فقلنا : أو تمكنه من الانتفاع خاصة ا هـ . وبحث في ذلك وأطال فليراجعه من أراده ، وأما قول
ابن عرفة ويدخل فيه النكاح والإجارة ليس هو اعتراضا على التعريف المذكور ، وإنما هو بيان للبيع بالمعنى الأعم وأنه يدخل فيه النكاح والإجارة ، ولا يصح أن يعترض به على
ابن رشد ; لأنه إنما تكلم على البيع الأعم ، ولا على
nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري ; لأنه قصد إدخالهما فيه ، وصرح بذلك في المعلم فقال : اعلم أن
العرب لبلاغتها وحكمتها وحرصها على تأدية المعنى للإفهام بأدنى عبارة تخص كل معنى بعبارة ، وإن كان مشاركا للآخر في أكثر وجوهه ، فلما كانت الأملاك تنتقل بعوض وبغيره سموا الأول بيعا فحقيقته نقل الملك بعوض ، ولكن المعاوضة إن كانت على الرقاب خصوها بتسمية البيع ، وإن كانت على المنافع خصوها بتسمية الإجارة ، إلا أن تكون منافع فروج فخصوها أيضا بتسميتها نكاحا .