الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل القولون وانعكاساتها على الحالة النفسية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور الفاضل / سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:

أنا شاب أبلغ من العمر 31 سنة متزوج وموظف وعندي من الأولاد بنتان، أرجو منكم مساعدتي في مشكلة حصلت لي وهي: قبل خمسة شهور تقريباً شكوت من عدم رغبة في التبرز -أجلكم الله- وراجعت عدداً من الأطباء في تخصص الباطنة، ومنهم من قال أنه قولون، ثم راجعت الدكتور المتخصص في الجهاز الهضمي وعمل لي تحليل دم (سليم)، ومنظاراً للقولون (سليم من التقرحات والانسداد والأورام)، وقال أنه تهيج للقولون (التهاب قديم أو مزمن)، (يوجد نقط حمراء على جدار القولون)، وسألت الدكتور: هل هذا قولون عصبي؟ قال: لا عضوي، ويحتاج إلى أربعة أو خمسة شهور، وحجبني عن بعض المأكولات مثل الفول واللبن والتمر والمكسرات والجح والبطيخ، وصرف لي علاج (دسبتالين ودغماتيل )، وبعد شهر راجعته ولم أستفد من العلاج، ولكني تعبت جداً حيث أني خلال هذه الفترة حصلت لي عدة حالات، في البداية أصابني القلق من هذه الحالة حيث أني قرأت عن مرض سرطان القولون قبل أن تصيبني هذه المشكلة، ثم بعد أن أصابتني المشكلة شكوت من عدم الإحساس بالشبع أو الجوع، أيضاً بدأ ينقص وزني (خلال شهرين تقريباً 7 كيلو من 78 إلى 71)، صرت أفكر كثيراً: ما الذي أصابني؟ أهملت أهلي وعيالي وصادفت هذه الحالة أني كنت في إجازة فأصبحت لا أخرج من البيت إلا للمسجد، أو بعض الزيارات مع الأهل، تعبت نفسيتي، دائماً ساكت لا أتكلم، والنوم تغير عندي (بالليل أنام لكن بعد صلاة الفجر كل نصف ساعة أستيقظ)، أحس ببعض الآلام في جهة البطن اليسرى، حصل في أحد الأيام أن أصبحت القدمان والساقان كأنهما ثلج من البرودة، أيضاً أحسست بعض الأحيان بعرق في منطقة الصدر، أيضاً الركبتين أصبحتا تؤلماني، وأخيراً الآن النظر (العيون) لا أقدر أن أصف ما حصل لهما، ذهبت إلى أخصائي عيون وكشف على عيوني، وقال: العيون سليمة، ومقاس النظارة لم يتغير إلا قليلاً بالعين اليسرى أقل بربع، أصبحت مثلاً لا أستطيع أن أميز صورة من يقابلني بالسيارة مثل قبل أيضاً، بعض الأشياء التي كنت أراها واضحة على مسافة معينة أصبحت تختلف.
ثم نصحت بزيارة دكتور نفسي وزرت الدكتور النفسي وقال: إن هذه الأعراض دليل على أنه ليس هناك مرض خطير، ووصف لي ليبراكس لمدة شهر حبتين لمدة أسبوعين، ثم حبة لمدة أسبوعين، والآن عندما آكل تنتفخ المنطقة اليسرى التي بين السرة والصدر، وعندما يذهب الأكل أو يحصل التخريج تعود لحالتها، وبعض المرات مع الأكل أحس بألم، والآن لي أسبوع استخدم ليبراكس وكأن هناك تحسناً ولكنه بسيط.
أفكر وخائف من مرض كبير، لا أخفيك خائف من (السرطان)، وأعلم أني لا أستطيع رده إذا أراد الله إصابتي به، وأعلم أن الموت حق، وأنا إمام مسجد أيضاً ولكن أرجو المغفرة من الله.
أرجو إفادتي ونصحي وتوجيهي للصواب، حيث أني تعبان جداً، وحصلت لي نوبات بكاء والحمد لله على كل حال .
أرجو التواصل

أخوك في الله / وليد Whg1391@hotmail.com

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأعراض التي تعاني منها أعراض نفسية جسدية، وأمراض القولون أو ما يسمى بالقولون العصبي هو أحد هذه المشاكل المرتبطة بصورة كبيرة بالحالة النفسية للمريض، وعند إجراء المنظار، وفي حالة وجود نقط حمراء في جدار الأمعاء فهذا يعني التهاباً بسيطاً يصيب كثيراً من الناس، ويشفى تماماً حتى دون أخذ أي نوع من العلاج، وهذا أمر معروف ويشاهده الكثير من أطباء الجهاز الهضمي في حالات التنظير المعوي، وهذا أيضاً لا ينفي وجود مشكلة القولون العصبي والذي يشخص عن طريق الأعراض الواضحة مثل ما تعاني منه، وكثرة القلق والخوف والتوهم من المرض تتسبب في زيادة الأعراض عند المريض، لذا فالأفضل لك مقابلة طبيب الأمراض العصبية لوصف العلاج كما ذكر الدكتور محمد عبد العليم، مع السعي للتخلص من هذا التوهم، ومحاولة الاسترخاء، وستجد بإذن الله أن الأعراض قد تحسنت بصورة كبيرة، مع تمنياتنا لك بعاجل الشفاء.

د. حاتم محمد


========================

وبعد استشارة المستشار النفسي أفاد بالتالي:

الأخ وليد/ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاك الله خيراً على سؤالك والذي سردت فيه أعراضك المتعلقة بالجهاز الهضمي، والتي أريد أن أؤكد لك أنها أعراض نفسوجسدية، انعكس فيها المكون الجسدي على القولون، ومرد ذلك أنك ربما تكون من النوع القلق، أو الحساس والكتوم، وربما يكون القلق غير ظاهر، أو ما يعرف بالقلق المقنع، وربما تكون شخصيتك لعبت دوراً في ذلك، مثل حالتك يا أخي منتشرة جداً وهي بكل صدق وأمانة مزعجة لك بعض الشيء، ولكن لا توجد خطورة أبداً بإذن الله، ويتضح أيضاً أنك قد دخلت في حالة اكتئابية يصحبها شيء من التخوف والتوهم المرضي.

والعلاج ممكن جداً بإذن الله، وأول نصائحنا لك أن توقف التنقل بين الأطباء، ويعتبر اجراء منظار للقولون أمراً كافياً ومطمئناً جداً،
ويقول الأطباء أن كل من أجرى منظاراً للقولون ووجده سليماً كما في حالتك فعليه أن لا يفحص جهازه الهضمي مرة أخرى إلا بعد سبع سنوات، وإن ظلت أعراضه موجودة.

واعلم يا أخي أن التنقل بين الأطباء من أكبر أسباب التوهم المرضي خاصة في مثل هذه الحالات ذات المنشأ النفسي أصلاً.

ثانياً: عليك ألا تراقب جسدك ووظائفه، وكل ما ذكرته يا أخي من أعراض جسدية هي ما يعرف بالمكونات العضوية للقلق، وقد ازدادت لديك بعد ظهور الاكتئاب الثانوي.

وأنت لا شك محتاج لعلاجات دوائية، وأفضل علاج لك هو العقار المعروف باسم (سيرمونتيل) تأخذه بمعدل 25 مليجراماً ترفع إلى 50 مليجرام بعد أسبوعين، وإذا حدث لك بعض الجفاف في الحلق، وزيادة في النوم أرجو أن لا تنزعج فهي أعراض جانبية تحدث لبعض الناس من هذا الدواء، كما أرجو تناول حبوب (موتيفال) حبة صباحاً ومساء، وتكون مدة العلاج ما بين ستة أشهر إلى سنة، وعليك يا أخي أيضاً بممارسة الرياضة، وتمارين الاسترخاء، والتي يمكن الحصول على أشرطتها من المكتبات.

والحمد لله أنك إمام مسجد، ونحسبك إن شاء الله من المتوكلين على الله، وأود أن أؤكد لك يا أخي أن مثل هذه العلل البسيطة ليست لضعف في شخصيتك، أو قلة في إيمانك فكل خلق الله عرضة لها، وأنا على يقين بإذن الله أن حالتك سوف تتحسن تماماً، وعليك باتباع الارشادات السابقة.

ونسأل الله لك ولنا ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.

د. محمد عبد العليم

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً