السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أعيش في مجتمع أوروبي (أوكرانيا) يعيش معنا في هذه المدينة شاب عمره (16سنة) هدى الله قلبه للإسلام، وعن هذا الشاب استشارتي لكم، وسؤالي إياكم.
وضع المجتمع والأسرة:
* هو ما زال يعيش مع والديه الكافرين اللذين يعلمان بإسلامه، وهما لا يعارضان ذلك ولا يشجعان أو بمعنى أدق يغضون الطرف عنه.
أو بالمزيد من الواقعية هم لا يقلقون بشئونه إن أصبح مسلماً، أو كافراً، ناجحاً أو فاشلاً، وفي إحدى تعبيراته عنهم: ... والديّ لا يهتمون إن كنت مسلماً أو صعلوكاً مجرماً.
هو يحاول الهروب من عاداتهم السيئة كالسكر، وحين يقيمون حفلاتهم (أعياد ميلاد أو رأس السنة) فإنه يهرب إليَّ ويقضي وقته عندي.
المرة الوحيدة التي تواجهت معهم كانت في رأس السنة هذا العام، حين كذب عليهم قائلاً: إنه سيحتفل معي، وحين وصل وتأخر الوقت اتصل بأمه وقال لها إنه سيبيت عندي فوافقت وسألته: "ماذ نفعل؟" فأجابها: بأننا سوف نسكر، وفي منتصف الليل نمنا كالمعتاد، وفي الصباح قمنا بأعمالنا كالمعتاد، وتأخرنا إلى منتصف النهار.
قامت أمه بالاتصال بي (وهو الاتصال الوحيد بيننا) لتسأل هل هو في حال جيدة ليصل لوحده إلى البيت اعتقاداً منها إنه شرب إلى حد الثمالة...!!!
*الأصدقاء:
1) أنا: عمري 22 سنه، طالب أجنبي، مسلم ملتزم بصلاتي، مبتعدٌ عن العادات السيئة من الشرب والدخان والبنات.. إلخ، وأعتقد أني أعز أصدقائه العرب، كما أنه يأتي لزيارتي ليلعب على الكمبيوتر، ويسمع الأغاني العربية التي هو مولع جداً بها حيث أنه تعلم العربية من خلالها وأنا أساعده في ترجمتها. وعبر الأغاني استطعت أن أوثق علاقتي به.
2- ياسر: شاب قريب منا له نفس مواصفاتي، لكنه أكثر صراحةً في الوجه في نقده له، ويعتبره صديقنا إنه بالنسبة لنا مجنون أو أحمق؛ لأنه لا يجد تبريراً للسانه السليط إلا بهذا العذر، ويتهمني ياسر بأني أخطئ بمساعدتي له بالأغاني، وأجيب ياسر بأني لن ولم أكن أنا ذلك فسيكون غيري من يفعل (مثل إسماعيل ومنصور) وهذا ليس بصعب عليه، ونعمل أنا وإياه بحيث هو يشد عليه وأنا أرخي.
3- إسماعيل ومنصور: شباب منحرفين -هداهم الله- مستأجرين لدى أهله، همهم البنات، أبعد ما يكونا عن الإسلام والأخلاق الإسلامية، يتعلم منهم الأغاني، وبكونهم فلسطينيين فإنه أحب فلسطين وخصوصاً "فتح".
4- مدرسته: وهي مشكلة كبيرة حيث إنه يعيش بها أكثر من البيت، ومعه البنات الكثيرات المعجبات به؛ وخصوصاً أنه جميل ومتفوق في دراسته (ما شاء الله) وخصوصاً بالتاريخ، وبما أنهم في الصف الأخير في المدرسة، أي سن مراهقة وبلوغ فإنه هنا تعتبر السن المناسبة ليجرب كل فرد شاب وشابه قدراته الجنسية، وهذه هي المشكلة.
ومن السخف أن معلماتهم لا تكبرهم إلا بسنتين أو ثلاث (21-22 عام)، حيث أن علاقتهم لا تصل إلى احترام المعلم .. بل وأحياناً يدخنون سويا أو يمارسون الجنس أيضاً.
المشكلة:
الحمد لله لم يفعل الزنا بعد، ونحن نحاول إبعاده قدر الإمكان عن ذلك بعون الله .. لقد وقع في الصيف في مشكلة؛ وهي أنه بحكم بعدنا عنه في الوطن، وجاء الصيف (وهو فتنة حقيقة) فأخذه والداه إلى البحر لمدة أسبوعين، وحجزوا "شاليه" على "البلاج".. و"الشاليه" الذي بجانبهم سكن عائلة أحد الأصدقاء الذي لديه بنت في نفس سن صديقنا ولم يرى أبوها شاباً أفضل منه لتقضي معه ليلتها الأولى، وكم حاول الوالدان في العائلتين أن يتمما ذلك من توفير كافة الأسباب، لدرجة أنهم وضعوا له في غرفته أفلام جنسية بالعربية كونه يحب العربية وكم حاولت البنت استثارته، لكن الحمد لله لم يحصل شيء علماً إن ملاذه العربي الوحيد هنا كان "إسماعيل ومنصور " وعاهراتهم.
عندما عدت من الوطن وروى لي ما حصل سألته كيف لم تفعل ذلك..! أجاب بأسلوب التأفف أن البنت لم تعجبه فقط.
وسألته ماذا لو كانت فتاة أخرى؛ كالتي هو معجب بها الآن فأجاب وهو يضحك: لا أدري .... لربما.
حينها فقط فهمت أن الله فقط هو الذي حماه فقط، وليس قوة إيمانه، وأي قوة إيمان في سن 15سنة؟! . وفي هذه الظروف والتطورات الأخيرة.
قبل شهرين اشتم ياسر رائحة دخان، فقال له: إن الرائحة منك، وفعلاً اعترف بعد محاولة يائسة للمراوغة.
لم أحاول معاتبته، في حين انصب عليه ياسر بكلام منطقي وسليط. وبدأنا نحاول ثنيه عن ذلك إما بكلام ناعم غير مباشر مني، أو كلام صريح من ياسر.
أحاول في أيام العطل أن أقضي معه طيلة اليوم كي لا يفكر بالتدخين أو كي لا أعطيه المجال لذلك، وأحياناً يستطيع التملص وأحياناً أجبره ألا يتذكر أو لا أتيح له الفرصة.
العقدة:
اليوم ياسر مدّ يده في جيبه وأخذ منه علبة السجائر، وبدأ يتكلم معه حول مضار الدخان، طلبت من ياسر ألا يعيدها إليه، طبعاً دون أن يفهم ما قلت لياسر.
خرجنا سوياً إلى الشارع فأراد أن يشتري سيجارة بعد حوار طويل معه ذهب أدراج الرياح أشترى واحدة، وقال: إنه لن يدخنها أمامي حيث أني قلت له إنه يعني إنه لا يحترمني إن دخنها أمامي، بينت غضبي له لأنه اشتراها، مشينا سوياً وأنا أعاتبه إلى أن وصلنا الدكان فقال إنه لن يدخل معي وسينتظرني في الشارع، دخلت إلى الدكان وأنا وهو يعلم أنه سيدخنها في فترة غيابي، اشتريت وعدت مسرعاً لكي أفاجئه، وتوقعت أن يرمي بها حين يراني أرضاً لكنه لم يفعل وسار معي وهو يدخن، أظهرت استيائي الشديد له وبينت أنه خسرني إلى الأبد، وخسر صداقتنا (حيث أني قدمت إليه اختيار صداقتنا في كفة، والسيجارة في كفة).. وذهبت عنه مبتعداً فأوقفني عدة مرات يحاول التكلم معي، ويقول: إن صداقتنا لا يهدمها أمر تافه كهذا. وأنا ما زلت أحاول تركه مع تبين أنه جرحني بفعلته تلك، وهو ما زال يبين لي أن الأمر لا يستحق كل هذا الغضب. وانتهى الأمر كذلك.
التحليل:
*خشيتي أن تتواصل معه الأمور؛ فبعد سيجارة أصبح علبة، وأخشى أن يتعدى إلى شرب الخمر.
* ثم أني راهنت في فعلتي الأخيرة على حبه ليّ، حيث إنه تبين ليّ أن كلام العقّال لا يجد صدىً لديه. فاعتمدت على النفسية.
* هل ما فكرت به في النقطة الأولى صحيحاً؟
وهل ما فعلت صحيحاً؟ وكيف أواصل معه؟
كيف لي أن أقوي علاقته بربه؟ علماً أنه قال لي أن بدأ يقطع في صلاته! لمشاغل الدراسة التي يمر عليه الظهر والعصر والمغرب هناك؛ وإلى أن يعود ويأكل ويرتاح يمر العشاء..!؟
حاولت أن أجد له فرصة دراسة في أحد الدول الإسلامية؛ لكن لم أوفق!
أرشدوني بالله عليكم.. وبارك الله فيكم، ووفقكم لما فيه مرضاة الله والسلام عليكم.