السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أعاني من تقلبات نفسية حادة، كنت من الغافلات التي تستمع للأغاني, أكلم الرجال في المواقع الاجتماعية, لا ألبس الحجاب, ولا أقرأ القرآن، ولكني أصلي.
الحمد لله الذي هداني للحجاب منذ 5 سنين، والحجاب الشرعي منذ سنة، والنقاب منذ الصيف الماضي، وعاهدت ربي ونفسي على الالتزام، وترك كل ما يغضب الله -ولله الحمد- الذي هداني لذلك وثبتني، ولكن المشكلة أني وجدت نفسي أعارض والدي وأهلي بشدة في طريقة لباسي، وصلاتي، وتصرفاتي، وأقابل منكرات كثيرة تنغص علي حياتي، وتكدر نفسيتي بشكل دائم، فانقطعت شهيتي للأكل، وأصبحت كثيرة البكاء، والتفكير، وأفضل دائما الانطواء على نفسي، ونقص وزني بشكل كبير، فقد كنت ممتلئة نوعا ما، وفي أقل من سنتين أصبحت عظام جسمي ووجنتي بارزة، حتى أن الدورة الشهرية أصبحت تتأخر لأكثر من 5 أيام، كل هذا لأني أرى عائلتي غارقة في المنكرات، فأختي أكبر مني لا تلتزم بالحجاب، وتستمع للأغاني، وتشاهد المسلسلات والقنوات الماجنة، وأخي أصغر مني بسنتين تارك للصلاة قرأت رسائلة في إحدى المواقع الالكترونية صدفة بدون علمه، وكانت صدمتي التي جعلتني أنفر منه دائما، وأكره حتى النظر لوجهه.
رسائلة مع بنات فاجرات واضح فيها بأنه على علاقات محرمة معهن، إلي جانب الكلام البذيء الذي قرأته، وكلما تأخر في العودة إلى المنزل أفكر بأنه كان مع إحداهن.
ثم أبي الذي يستمع دائما إلى قنوات الغناء والطرب، ولا يقرأ القرآن إلا مرة في السنة، وأمي صلاتها ليست صحيحة؛ لأنها أمية، وهي كذلك تتعطر قبل الخروج من المنزل، وتؤمن بالأولياء الصالحين، بقي أخي الصغير عمره 15 سنة الذي يصلي الفجر والمغرب فقط، وربما نسيهم في بعض الأحيان، وقد اتخذ من أخيه قدوة في الاستماع للأغاني، ومشاهدة الأفلام الخليعة والهوس بكرة القدم.
حاولت نصحهم وهذه ردة فعلهم، أختي الكبرى تغضب وترفض الاستماع، أو تستهزئ بي، أبي اتهمني بالمغالاة في الدين، أمي لا تقتنع لأنها لا تفهمني، أخي الصغير يقتنع، ولكن سرعان ما يعود إلى ما كان عليه، أخي الذي يصغرني بسنتين ردة فعله كانت صدمة لي أثرت على حياتي بشكل سلبي، فعندما نصحته بترك الأفلام الخليعة والإباحية غضب؛ لأني عرفت بأمرها وقمت بإتلاف بعضها، فضربني واتهمني بالنفاق وادعاء التدين، ثم أصبح يلفق التهم لي أمام والدتي، ويقول بأني على علاقة بأحدهم، وما أقوم به من نصائح إنما هو أسلوب للتغطية على تصرفاتي، وحاول مرتين قتلي لولا أمي وأختي كانت إحداهما بسكين.
أنا لا أنكر فضلهم علي، وأنا أحبهم أكثر من نفسي مهما كانت ردة فعلهم، فعندما يختلف الموضوع عن الدين نصبح كعائلة رائعة، ولكن حالهم أصبح يبكي الحجر، وأتصور في كل يوم حجم الذنوب التي تنزل على عاتق كل منهم، كلما قرأت آية عن العذاب أتصور أحدهم أو نفسي في النار.
لم أعد أشعر بطعم النوم، ولا يحلو لي شيء، وأصبحت أكلم نفسي كثيرا، وأتصور بأن لي عائلة أخرى أكثر تدينا وقربا لله تشجعني على الطاعات، فمثلا أبقى في غرفتي لساعات ربما لا أخرج إلا لأتوضأ وأصلي، لا أقوم بشيء سوى أن أكلم نفسي متخيلة بذلك بأني أكلم أبي أو أتناقش مع أختي أو أخي أو حتى صديقاتي في حوار أدير دفته كما يحلو لي، وأحس بأني غبت عن الدنيا تماما، لا أشعر بالوقت، ولا بأي شيء آخر إي أن تمر الساعات على هذا الحال.
لا أعرف ما حكم ذلك في الشرع؟ ولكني أشعر براحة كبيرة لذلك، إلى جانب كثرة النوم في النهار حتى لا أرى ولا أسمع منكرا، والاستيقاظ والسهر في الليل عندما ينامون، وفي بعض الأحيان أنام عن الصلاة.
صحيح أني أقرأ وردا يوميا من القرآن، وأحافظ على الأذكار، وأذكر الله كثيرا، ولكن هذه الطريقة فقط هي التي تشعرني بالراحة.
وما يخيفني أكثر هو تكاسلي عن الطاعات كلما رأيت أحدهم يتكاسل عنها، فأصبحت أؤخر صلاة الفجر؛ لأني الوحيدة في المنزل التي تصلي الفجر قبل الشروق، ولا أجد من يوقضني.
في بعض الأحيان تركت قيام الليل؛ لأنه لا أحد منهم يستيقظ للقيام، ولم أرهم في حياتي يصلونه.
تركت صيام النوافل؛ لأنه لا أحد يصوم غير شهر رمضان، تركت الصدقة، وفي بعض الأحيان أنسى قراءة الورد اليومي؛ لأنه لا أحد يذكرني بذلك، ولم أر أحدا منهم يمسك المصحف إلا في شهر رمضان، في حياتي صليت 4 مرات فقط في المسجد، لأنهم يرفضون ذهابي إلى المسجد.
أشعر بأني في طريقي للعودة إلى ما كنت عليه سابقا، وهذا ما أخشاه بسبب كثرة المنكرات التي تحيط بي، حتى أني تركت زيارة أقاربي؛ لأنهم يفرضون علي مصافحة أزواج خالاتي وأبناءهم من الرجال، ويغضبون إذا امتنعت، هذا عدى الجلسات المختلطة.
ماذا أفعل؟ كيف أتصرف معهم؟ وكيف السبيل للراحة النفسية؟ أشعر بأني في دوامة من المنكرات، ولم يعد لي جهد لمواجهتها، وأخشى ما أخشاه أن أستسلم لهم وأصبح منهم وربما أفوقهم في المنكرات، أشعر بأن هذه المنكرات أقوى مني أصبحت تتغلغل بداخلي دون إرادة مني، حتى أني أصبحت أغني بعض الأغاني التي أسمعها في البيت دون أن أشعر، وأفكر في الكلام مع الرجال على الانترنت، وأقول ما المانع في ذلك أو ما المانع في مصافحة أبناء خالتي إلى غير ذلك من الأفكار الشيطانية؟ لا أريد الاستسلام لهذا فما العمل؟
أرجوكم أرشدوني إلى طريق النجاة، فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد أصبحت أتمنى أن يعجل الله في المنية، لأني أراها السبيل الوحيد للراحة من كل هذا.
جزاكم الله عنا كل خير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.