الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترفض ارتداء الحجاب حتى تلتزم بالصلاة، فكيف أنصحها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.

لدي صديقة طيبة الأخلاق، تبذل كل ما في وسعها لإرضاء الله سبحانه وتعالى، فمثلاً في هذا الشهر الفضيل تحرص على أداء التراويح، وختم القرآن أكثر من مرة.

مشكلتها الوحيدة أنها لا ترتدي الحجاب! مع أنها مقتنعة أشد الاقتناع بأنه أمر لا يجوز التهاون فيه، ومبررها الوحيد هو أنها يجب أن تعود نفسها أولاً الحفاظ على صلاتها في أوقتها، وعدم التكاسل والتهاون في أدائها، وخاصة صلاة الفجر.

أنا نصحتها، وقلت لها أنه إذا قمت بهذه الخطوة إلى الله، وارتديت الحجاب فإنه سيساعدك على تغيير نفسك إلى الأفضل.

أود ـ يا فضيلة الشيخ ـ التوجه لها بالنصيحة، والدعاء لها ولجميع الأخوات.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ هناء حفظك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقنا الهدى والتقى، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فشكر الله لك هذا الحرص على هداية صديقتك، ونسأل الله أن يكثر من أمثالك، وأن ينفع بك بلاده والعباد! وهكذا ينبغي أن تكون المرأة المسلمة طاهرة في نفسها مطهرة لأخواتها صالحة في نفسها ومصلحة لصديقاتها، وأرجو أن يكون نصحك لها بأسلوب طيب وفي الأوقات المناسبة وبعيداً عن أعين الناس وسمعهم، وابحثي عن المدخل الحسن إلى نفسها، كأن تقولي لها أنت ـ ولله الحمد ـ محافظة على صلاتك وتلاوتك للقرآن والناس عرفوا عنك كل خير، وليس فينا مثلك إذا أكملت هذا الخصال الجميلة بارتداء الحجاب الذي هو من طاعة الله وأحكام شريعته التي لا يجوز للمسلم التهاون بها، وسوف أكون سعيدة جداً إذا رأيتك ملتزمة بالحجاب الذي شرعه الله.

والمسلم لا يختار من أحكام الإسلام ما يوافق هواه ويترك ما عداه، ولكن لابد من الدخول في السلم كافة، فإن الذي أمر بالصلاة وفرض الصيام هو الذي أمر بالحجاب سبحانه، وقد ذم الله في كتابه من جعل القرآن عضين، ونعي على الذي يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فقال سبحانه: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ))[البقرة:85].

والإنسان لا يقول لا أصوم حتى أواظب على الصلاة، ولا ارتدي الحجاب حتى أواظب على صلاة الفجر، والصواب أن نعرف أن الطاعة تجر إلى أختها فإن الحسنات آخذة برقاب بعضها، ومن علامة الحسنة الحسنة بعدها، كما أن المعاصي تحول بين الإنسان وبين المواظبة على صلاة الفجر، كما قال الحسن البصري لرجل أعلن عجزه عن القيام لصلاة الفجر، فقال له الحسن: ( قيدتك ذنوبك ).

والمرأة لا تظهر محاسنها للرجال؛ لأن في ذلك فتنة لهم ولها، والمرأة المتبرجة تسقط في أعين الشرفاء من الرجال، وحتى السفهاء لا يرضون أن تكون المتبرجة أما لعيالهم ولا مانع عندهم من النظر إليها والكلام معها، وهذا يعرضها للفتن، والمخاطر، ويفقدها حياءها الذي هو أغلى ما تملكه المرأة بعد إيمانها بالله.

وأرجو أن نذكر هذه الأخت بأن رضوان الله لا يمكن الوصول إليه بمعاصيه، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.

والله ولي التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً