الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد تغير شكلي تغيرت معاملة الجميع معي، فماذا أفعل؟

السؤال

أنا طالب جامعي، أدرس بكلية الدراسات واللغات، شعبة الدراسات الإنجليزية، وأطلب منكم الدعاء لي بالتوفيق، حتى أحصل على إجازتي.

لا أعرف كيف سأحكي لكم قصتي مع القبح، أرجو أن يحالفني التعبير حتى أوصل لكم ما أصبو إليه، وأشرح لكم ما يلم بي، هذا لأن أسلوبي في التعبير ليس جيداً.

ما زلت أتذكر حينما كنت صغيراً، في الحقيقة كنت طفلاً وسيماً، وكل من يراني يشيد بوسامتي، وبشهادة إخوتي وأخواتي، كانوا يخبرونني أني كنت الطفل الأكثر وسامة بين جميع الأطفال.

لست أتباهي، بل إني تمنيت لو لم أكن كذلك، فما كنت لأصاب بالعين إن كان فعلاً هي السبب في ما حدث لي. تعرضت للأذى من كثير من الناس طوال طفولتي، وما زلت أشك أني أصبت بالعين عدة مرات خلال تلك الفترة. هناك من تعلق بي من أفراد العائلة، وكانوا يسألون عني، ويهتمون لأمري، ولكن لما كبرت لم يعد أحد يهتم لأمري.

كانت بشرتي آنذاك بيضاء وصافية، ووجهي يتخذ شكلاً مقبولاً، وكنت ذكياً، وكان والدي -رحمه الله- يتطلع أن أصبح ذا شخصية رائعة جداً، وعندما تجاوزت السادسة بدأت علامات القبح تظهر في وجهي وجسمي، وتشوهت أسناني بشدة، وبدأت بشرتي تتحول إلى بشرة دهنية، وأصبحت مسامات وجهي عريضة، وبدأ وجهي في اتخاد شكل غير مرغوب فيه.

جسمي لم يعد متناسقاً، ولا أعرف كيف؟ فلست نحيفاً في الحقيقة، ولست حتى أعوج، لكني أرى في الصور أن كل أنواع الملابس لا تليق بي.

كنت ذكياً وأصبحت ساذجاً، وغبياً نوعاً ما، أثناء مراهقتي لم أكن أهتم لكل هذا، ولكني حين تجاوزت الثامنة أصبح الأمر يهمني، ولم أعد أحظى بأصدقاء، وكل من أعرفهم أو أغلبهم يحاول استغلالي فقط.

ما الحل إذاً؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُحسّن خُلقك، ويرضيك بما خُلقَ لك.

أولاً: الحمد لله أنك وصلت لهذه المرحلة من التعليم، وهذا فضلٌ ونعمة من الله تعالى.

ثانيًا: لا شك أن الجسم معرّضٌ للتغيير، ولا يمكن أن يكون كما كان في مرحلة الطفولة، والعبرة – ابننا الفاضل – ليس بالشكل، وإنما بالخُلق وبالعقل، فأنت تحمد الله على ما أعطاك من عقلٍ سليم وخُلُقٍ قويم، والمؤمن في هذه الدنيا ممتحن كما تعلم في ما أعطاه الله، إذا كان جمالاً أو قُبحًا، والنجاح في هذا الامتحان يتطلب الرضا بما قسمه الله لك، فالجسم حتمًا سيبلى مهما كان جميلاً، ولا يبقى إلَّا العمل الصالح، والذي يسعد به الإنسان في دنياه وآخرته.

بالطبع تلعب الوراثة دورًا كبيرًا في تشكيل صورة الجسم، وتظهر آثارها في النمو المستمر، فقد يظهر شبه الأبناء للآباء عند سِنٍّ مُعيّن، وهذا شيءٌ حتمي، لا يمكن تغييره، ولا علاقة للعين بذلك، إنما هذا شيء تضبطه العوامل الوراثية، والجمال شيءٌ نسبيّ، فما تراه أنت قبيحًا قد يراه غيرك جميلاً، وهذه آية من آيات الله، اختلاف ألواننا وألسنتنا.

انظر – ابننا العزيز – إلى مَن هم دونك في الوسامة والجمال، وانظر إلى أصحاب الإعاقات والعاهات الجسدية والحسّية والعقلية، كيف تغلَّبوا على هذا النقص بالرضا والقناعة بما أراد الله تعالى لهم، وابتغاء واحتساب الأجر والمكافأة من الله على ذلك، فأصبحوا صابرين وراجين من الله سبحانه وتعالى الثواب.

الصداقة تتكوّن وتدوم بالمعاملة الحسنة، وبالصدق والأمانة، وحب الخير للآخرين، ومساعدتهم، ليست بشكل الجسم أو سماحة الوجه؛ لأن هذا قد يتغيّر في أي مرحلة من مراحل العمر.

أخيرًا نقول لك: لا تشغل بالك بهذا الأمر كثيرًا، حتى لا يُنسيك أهدافك الدنيوية والأخروية، بل ركّز في دراستك، وركّز في أن تكون من المتفوقين، فهذا هو الذي يرفع رأسك أمام أسرتك وأهلك وأصدقائك وزملائك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً