الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشيطان يذكرني بالماضي المليء بالذنوب!

السؤال

السلام عليكم

أنا مخطوبة -والحمد لله- سعيدة في حياتي دون مشاكل مع خطيبي، ولكن عندي مشكلتان:

أولهما: أن الشيطان لا يتركني دون تذكيري بالماضي المليء بالذنوب، وأخاف أن ينكشف أمري، ويبتعد عني خطيبي لهذا السبب.

ثانيهما: رأيت بالأمس حلماً فيه فرد من العائلة كان ينظر إلى (دبلة) خطبتي، ثم ألقاها بعيداً وقام بخدشها، وعندما رأيتها حزنت لذلك.

أنا خائفة جداً، وأريد تفسيراً لهذا الحلم، لأن كل التفسيرات على الانترنت غير مبشرة.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، وإذا كنت -ولله الحمد- سعيدة بهذه الخطوبة فاحمدي الله تبارك وتعالى، واستعيني بالله وتوكلي عليه، وتفاءلي بالخير تجديه.

أمَّا بالنسبة للشيطان: فاعلمي أن الشيطان هو عدوّ الإنسان، وهمُّ هذا العدو أن يُحزن أهل الإيمان، وعلينا أن نعامل عدوّنا الشيطان بنقيض قصده، وربنا العظيم أخبرنا بأن الشيطان عدوٌ لنا، فقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) ما هو الواجب علينا يا رب؟ قال: (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر: 6]، وعداوتنا للشيطان إنما تتحقق بطاعتنا للرحيم الرحمن سبحانه وتعالى.

أرجو ألَّا تقفي طويلاً أمام هذا التذكير من عدوّنا الشيطان، ولكن إذا ذكّرك الشيطان بالماضي فجددي التوبة، واستغفري، واذكري الله، واعلمي أن عدوّنا هذا يحزن إذا تبنا، ويندم إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا.

كوني واثقةً من أن الذي ستر عليك وأنت في المعصية، سيستر عليك وقد تبت إليه ورجعت إليه، فلا تلتفتي لذلك الماضي، واعلمي أن الخاطب إنما اختارك بعد أن سأل عنك ورضيَ حاضرك، ورضي ما أنت عليه، فازدادي لله طاعة، وتقرّبي لله، واعلمي أن قلب هذا الشاب -الخاطب- وقلوب العباد جميعًا بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويُصرِّفها، وأن ما عند الرحيم الرحمن من خيرٍ إنما يُنال بطاعته، وهو القائل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، فنسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر لنا ولكم الزلات والذنوب.

بالنسبة للحلم الذي رأيته: فاعلمي أن الإنسان إذا أطاع الله في صحوه فلن يضره ما يراه في نومه، والتفسيرات الموجودة للأحلام في النت ليست دقيقة، ولا تقفي عندها طويلاً، ولكن استعيني بالله وتوكلي عليه، واعلمي أن هذا الكون ملكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، والمؤمنة تقول بلسان أهل اليقين: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 51]، وتستحضر وتستبشر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌عَجَبًا ‌لِأَمْرِ ‌الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).

نحن لا نفسّر الأحلام، لكن نريد أن نقول: الأمور لا تكون بظواهرها، والإنسان ينبغي أن يتوكل على الله ويستعين به سبحانه وتعالى، ولا يصلح قراءة التفسيرات من النت أو من الكتب لمثل هذه الأحلام، ولعلّ الإنسان إذا كان مهمومًا بمثل هذه الأمور، فإنه يرى في نومه كوابيس، وتأتيه أضغاث أحلام، لتُعبّر عن مخاوفه أو الأمور التي يغتمّ أو يهتمّ لها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً