الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخواتي يكدن لي ويكرهنني..فكيف أتعامل معهن؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحن 10 أخوات، وكلنا نتنافس على حب أمي مَن تحبها أكثر، الحياة أصبحت متعبة، وكلها صراعات وتنافس، وعدم راحة بال، ودائمًا يكدن لبعضٍ، ويتكلمن بالسوء عن الأخريات أمام أمي لإظهار أن الأخرى سيئة، وإذا لم أتنافس معهن أصبح لست بالمتميزة عند أمي، ولا تهتم لي ولا تقدرني.

في يوم تركوني في البيت لوحدي وخرجوا، ومن يومها ابتعدت عن الجميع، فكن يجلسن في الصالة ويضحكن كثيرًا، وليس هذا عادتهن، فقط لإزعاجي، فكنت أخرج من البيت في الصباح وأرجع في المساء؛ حتى لا يزعجنني، فتكلَّمن جميعاً مع أبي حتى يُكلّم الحارس حتى يخبرهن عن خطواتي متى أخرج ومتى أرجع، وكلمن إمام المسجد -لأني كنت أصلي فيه- حتى يعطي درسًا وخطبة فيها نصحي.

لي أخت تصغرني بسنة، كانت قريبة مني جدًّا وتعرف كل شيء عني، ولكن منذ 4 سنين بدأت تؤذيني وتكيد لي، وابتعدنا عن بعضنا تمامًا، ولكن هي طوال هذه الفترة توقعني في مشاكل من حيث لا أدري، وتجعل الجميع ضدي من أخواتي وأمي وأبي، وإن تقربت لإحدى أخواتي توقع بيني وبينها، وتحاول أن تجعلني وحيدة دائمًا، ولم ألاحظ ذلك، وكنت أحسب أن الأمور غير ميسرة بيننا.

في مرة قفلت علي باب المخزن طول اليوم كاملًا، وكلمت أختي الصغيرة لكي تفتحه، وفعلت ذلك مرتين ولم يعاقبها أحد، وليس معي أي أدلة على أذيتها لي.

أذكر لكم مثالاً على أذيتها لي: لو اشتروا طعامًا من المطعم وأنا لم أكن موجودة لا يعملون لي حساباً في الطعام، وتقوم هي بالاحتفاظ بالأكياس، وتأخذها وتضعها بجانب غرفتي بحيث تُعلمني أنهم أكلوا من دوني.

حاليًا الجميع يكرهني بسبب كثرة مشاكلي، وأنا أكرههم بشدة على عدم مساندة أحدهم لي، وكل مرة أشتكي لأمي، وهي إمَّا أنها لا تصدقني، أو تحاول ألَّا تكون طرفاً في الموضوع.

حاليًا علاقتي سيئة بالجميع، وكنت أدرس في دار للقرآن، فكلموا المدرسات أيضًا عني، فأوقفت تسجيلي فيه، وأدخلوا زوج أختي في الموضوع أيضًا، وشوهوا سمعتي، وأصبحت لا أستطيع التعامل مع أحد وأشعر بالكسر، ودائمًا أبي يحب أن يشتكي للناس عني فيقول لهم: تفعل كل ذلك وهي مهندسة! لا أفهم لماذا يسيء الجميع لي!

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك على القيام بما عليك، وأرجو أن تُحافظي على بر الوالدين مهما يحصل، والذي يحصل من كيد سيعود على مَن يكيد، والأمر كما قال الله: (ولا يحيق المكر السيئ إلَّا بأهله).

عليك أن تقتربي من والديك، وأظهري أحسن ما عندك، وقومي بما عليك من الواجبات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، وحاولي دائمًا ألَّا تكوني معزولة عنهم أو بعيدة عنهم، وإنما كوني معهم، فالمؤمنة التي تُخالط وتصبر خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر، وسيأتي اليوم الذي سيعرفون فيه حقائق الأمور.

أصلحي ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وسوف يُصلح الله لك ما بينك وما بين الناس، لأن الأمر بيد الله، وقلوب الناس بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفها، فاستمري في العبادة والإنابة والذكر والتوجُّه إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإنسان إذا قصد رضا الله ونال رضا الله رضي الله عنه، ويأمر جبريل أن يُنادي في السماء: إن الله يُحبُّ فلانًا فأحبوه، فيُحبُّه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض، قال ربنا العظيم: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا).

أرجو أن تحرصي دائمًا على حسن العلاقة مع إخوانك وأخواتك، حتى مَن يُسيء، لا تقابلي إساءته بالإساءة، ولكن عليك بالإحسان، فإن الإنسان ينتصر بإحسانه ويُؤثّر على جميع الناس إذا أحسن إليهم، وقابل إساءتهم بالإحسان، وهذه هي الرتبة العالية التي ننتظرها من فتاة حريصة على كتاب الله وحريصة على الخير.

كوني دائمًا إلى جوار الوالد والوالدة، وقد لا تحتاجين أن تكلميهم إذا كنت واضحة معهم، تشاركين معهم في الجلوس، في كذا..، فإن قالوا خيرًا فشاركيهم، وإن قالوا غير ذلك فكوني أنت ذلك المصلح، وكوني أنت الناصحة، وكوني أنت المُغيّرة ولو بقلبك، لأن النبي (ﷺ) يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ ‌مُنْكَرًا ‌فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».

لكن فكرة أن تنعزلي عنهم وتتركي المكان، هذا يُتيح فرصة للشياطين الإنس والجن، عليه أرجو مزيداً من الاقتراب، خاصة من الوالدين، وأدِّي ما عليك، وقومي بواجباتك، وستجدين التغيير، وستُلاحظين أن الأمور تغيرت؛ لأن الوضوح له أثر كبير جدًّا في محو أي شائعة، وفي تصحيح المفاهيم، فلا تجعلي أي إنسان يحول بينك وبين والديك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك رضاهم، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً