الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر كأن أهل زوجي يشمتون بي لأني لم أنجب بنتاً!

السؤال

عمري 28 سنة، وتزوجت قبل أكثر من خمس سنوات، لدي طفل وُلد بعد زواجنا بسنة، وطفل آخر (ذكر) وُلد قبل ثمانية أشهر، أعيش حياة مستقرة وسعيدة مع زوجي وأطفالي -والحمد لله-، أنا جميلة، وأنيقة، ومتدينة، وعلى قدر من العلم والثقافة، ومهتمة بنفسي وبيتي كثيرًا، وأحافظ على علاقة محترمة مع من حولي، وأهل زوجي.

لزوجي أربعة إخوة، اثنان منهم متزوجان؛ أحدهما تزوج قبل سنتين، ومنذ خطوبته وحتى زواجه، لم أستطع إقامة علاقة سليمة مع زوجته، رغم محاولاتي المتكررة لإصلاح علاقتنا؛ فهي دائمًا تتعمد مضايقتي واستفزازي وإثارة غيرتي، بشكل مباشر وغير مباشر، تنتهز كل فرصة وموقف لتظهر أنها أفضل مني، علاقتي بها الآن سطحية وذات طابع احترام فقط؛ إذ أتعمد تجاهل كل ما هو سلبي وأستخدم، كما يقولون، "التطنيش".

منذ زواجي وحملي الأول، كان أهل زوجي يتمنون أن يرزقهم الله بحفيدة (بنت)؛ لأن والدة زوجي أنجبت ذكورًا فقط، وكانت دائمًا تتمنى أن يكون لديها بنت، لكنني أنجبت ولدين -والحمد لله- والآن يقولون إن زوجة أخي ستنجب البنت، وبدأت أشعر وكأنهم يشمتون بي أو يحاولون مضايقتي، يشعرونني وكأنني أفتقد شيئًا ما في حياتي ويصورونني وكأنني مسكينة.

أشعر أنني عندما تنجب زوجة أخي طفلتها، ستكون هناك مظاهر بهجة وفرح كبيرة، وأجواء استقبال ودلال واهتمام، وكأنني أقل شأنًا.

مشكلتي أنني لا أحب أن ينظر إليّ أحد بشماتة أو يفرح لأنني لا أملك شيئًا معينًا، لا أستطيع التعامل مع هذه المشاعر، أنا لا أستفز أحدًا أبدًا، ولا أُشعر من أمامي أن لديه شيئًا ناقصًا، كما أنني لا أتباهى بما رزقني الله به، ولا أعترض على قسمة الله ورزقه، لكنني لا أحب أن يُنظر لي بهذا الشكل، أنا دائمًا أقول إنني راضية وسعيدة بما قسمه الله لي، فقد رزقني بأجمل الأطفال، وأنا مكتفية وسعيدة بهذا القدر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يصلح ولديك، وأن يجعلهما من الصالحين المصلحين، إنه جواد كريم.

في سؤالك نقطتان:

الأولى : خاصة بتلك الزوجة ومحاولة استفزازك.
الثانية : خاصة بالمولودة القادمة، نسأل الله أن يجعلها من الصالحات.

وقبل أن نجيب على سؤاليك؛ فإننا لاحظنا أمرًا قد يكون صوابًا وقد يكون خطأ، لكنا نرجو أن تجعليه في حسابك: لاحظنا أنك حساسة أكثر من اللازم، وأنك تفسرين بعض الأحداث بناء على تلك الحساسية المفرطة، ولعل هذا هو أحد الأسباب التي ولدت تلك المشاكل؛ لذا نرجو أن تضعي هذا الفكرة في رأسك، وأنت تستطيعين أن تتفهمي وجودها من عدمه.

أما الزوجة فإن ما فعلتيه صوابًا، فإن كانت حقًا تتعمد الاستفزاز، فالتجاهل هو أنجع الأدوية، على ألا يخلف هذا في قلبك حقدًا عليها، أو غيرةً منها، أو إرادة شر لها، بل تمني الخير لها وللمسلمين هو ما يجب على المسلم تجاه أخيه.

كما أننا نود منك الإحسان إليها ما استطعت ذلك، فما وجدنا أقرب إلى القلوب من الإحسان والله تعالى يقول: (ولَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وهذا منهج عظيم في التعامل مع الآخرين.

أما مسألة الإنجاب فهناك عدة حقائق:

- الإنجاب محض فضل من الله تعالى، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ويعطي هذا البنين، ويمنع هذا من البنين، هذا كله لحكمة يعلمها الله، ولا يجب على المسلم إلا الإيمان والتسليم.

- لا فضل لامرأة على أخرى في عطية من عطايا الله تعالى، فالمرء يتفاضل على غيره بما يحسنه وما تعب من أجله لا فيما منحه.

- القول بأن الشوق إلى الفتاة من قبل العائلة سيجعلها أقرب أو أبعد، هذا كلام مناف للواقع، نعم سيفرح الجميع بالمولودة الجديدة، كما سيفرحون بالمولود الذي يليه، وحبهم للفتاة لا يعني أبدًا ابتعادهم عن الذكور، أو تقليل محبتهم لهم.

وعليه -أختنا- فنرجو أن تطردي هذه الأفكار من رأسك، وألا تجعلي للشيطان مدخلاً عليك من خلالها، بل عليك أن تعلمي أن هذا رزق من الله لها، ولحكمة، كما رزقك الله الذكور وحرم البعض من الذكور والإناث معًا، فاحمدي الله على ما أنت فيه، واطردي تلك الأفكار التي ينفذ الشيطان منها إليك، واعلمي أن قيمة الإنسان أمام الغير بأخلاقه، وحسن صلته بهم، وتغافله عن الهنات الصغيرة لا غير ذلك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يبارك في ولديك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً