الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أساعد أبويَّ في تربية أخي المتمرد عليهما؟

السؤال

لي أخ يصغرني بعشر سنين، وأرى أن والديّ مقصران في حقه، فلا يحرصان على إلزامه بالصلاة، فإن تركها لا يحاسبانه، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يحرصان على تعليمه ما يصلح به حاله، من تعلم العقيدة والفقه الذي يحتاج، ولا يعاقبانه على المنكر الذي يفعله كلبس القصير من الثياب، وتضييع الأوقات المبالغ فيه، وقلة أدبه مع إخوته، وجفائه مع أخيه الأصغر.

يصل بأخي الحال إن نهرته أمي أن يرفع صوته عليها، وربما سبها، أو انتقص منها! وإن ضربته استفزها برمي شيء من حاجياتها في الشارع، أو نازعها في ما تضربه به من نعل مثلاً، أو كذا، أو ربما دفعها، فصارت أمي تستثقل أن تأمره بشيء، أو أن تطلب منه شيئًا، فإن قلنا لها أن تلزمه بدرس يسمعه على الحاسب، قالت: لا يسمع الكلام، دون أي محاولة منها، فهي تعاني منه كثيرًا.

وأما والدي فلا أحصي عدد المرات التي يرفع بها أخي صوته على أمي في حضوره، وهو لا يعير أي اهتمام لما يقوله أخي، أو يفعله، إلا أن أعلق أنا، وأما معاملته مع أخيه الأصغر، فكلها جور، وظلم، وتهديد، وتطاول عليه، ووالدنا ينهانا عن التدخل بشيء من الضرب، أو النَّهْر، وإن ضربناه ضربناه أشد ما يكون، كأن يكون الضرب على الوجه والقفا.

سؤالي هو: إن ضربت ونهرت أخي عند تطاوله وإساءة أدبه مع أمي، هل آثم بسبب أمر أبي لي أن لا أفعل؟ ألا يكون معاقبة أبي لي بسبب معاقبتي لأخي عند تجاوزه الحد وأمري له بالمعروف ونهيي إياه عن المنكر تجاوزًا؟ إن سلبت من أخي ما يعصي الله به كما يلبسه من ألبسة قصيرة (شورت)، هل آثم بسبب أمر أبي لي أن لا أفعل؟ وهل يجب عليّ ثمن ما أُفسده من ذلك الفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حياك الله، وأعانك على ما تواجه من صعوبات، من الواضح أنك تحرص على مصلحة أخيك الصغير، وتسعى لمساعدته في الالتزام بالدين والأدب، لكن من المهم أن نكون حذرين في كيفية التعامل مع هذه الأمور، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بينك وبين والديك، وبينك وبين أخيك.

إليك بعض النصائح المهمة:
- في الإسلام طاعة الوالدين واجبة إلا إذا أمروا بمعصية، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:"وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنْهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا" (الإسراء: 23).

- النهي عن المنكر واجب على المسلم حسب استطاعته، ويجب أن يتم بطريقة حكيمة ورحيمة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان." (رواه مسلم).

- ينبغي أن يكون التعامل مع أخيك الصغير بحكمة ورحمة.

- يمكنك تقديم النصح له بلطف ومحاولة فهم مشاكله، وأسباب تصرفاته، ويمكن أن تكون الجلسات الحوارية معه، ومعرفة احتياجاته واهتماماته، بوسيلة فعالة للتأثير الإيجابي عليه.

- إذا كان والدك قد نهى عن ضرب أخيك أو نهره، فإن طاعته واجبة إلا إذا كان في ذلك مصلحة شرعية واضحة.

- يمكنك البحث عن طرق أخرى لتأديبه وتوجيهه، بعيدًا عن العنف.

- استخدام العنف قد يزيد من تعنت أخيك، ومن تدهور العلاقة بينك وبينه.

- إذا كان أخذ الأشياء التي يعصي بها أخوك ربه، ستؤدي إلى تصرفات أكثر سوءًا، فقد يكون من الأفضل البحث عن طرق أخرى لتوجيهه.

- إذا كان التصرف بالثياب القصيرة يؤدي إلى تلفها، فيجب عليك دفع ثمنها أو تعويضها بما يساويها؛ لأنه لا يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه.

- حاور أخاك بهدوء، حاول أن تفهم مشاعره وأفكاره، وأظهر له اهتمامك بمصلحته، وعليكم بالصبر قال الله تعالى: "واصبر وما صبرك إلا بالله" (النحل: 127).

- كن قدوة حسنة له في تصرفاتك وأفعالك.

- قد يكون هناك شخص من العائلة، أو الأصدقاء، يمكنه التأثير عليه بشكل إيجابي.

- لا تنس الدعاء له بالهداية والصلاح.

- يجب أن يتم تقييم أخيك من قبل مختص نفسي، لتحديد إذا كان يعاني من أي اضطراب نفسي، وبناءً على التشخيص يمكن أن يتلقى أخوك العلاج المناسب مثل: العلاج السلوكي أو الدوائي.

- من المهم أن تكون الأسرة داعمة، وتتعلم كيفية التعامل مع هذه الحالات بشكل صحيح.

- إذا كان أخوك في سن الدراسة، قد يكون من المفيد التواصل مع المدرسة، للحصول على دعم إضافي.

- عليك بالرحمة والرفق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" (رواه مسلم).

- تذكر أن هدفك هو الإصلاح والتوجيه، وليس العقاب والانتقام.

نسأل الله أن يهدي أخاك، ويصلح حاله، وأن يمنحك الحكمة والصبر في التعامل معه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً